قسم العباداتباب الزكاة

إخراج الشعير في زكاة الفطر في الوقت الحاضر

مسألة رقم 103

صورة المسألة

وردت السنة بإخراج الشعير في زكاة الفطر، وقد كان طعاما للناس على عهد النبي ﷺ، وفي وقتنا الحاضر أصبح الشعير في كثير من البلدان ومنها المملكة العربية السعودية علفا للبهائم، ولم يعد قوتا للناس كما كان من قبل، فهل يجوز إخراج الشعير في زكاة الفطر أخذا بظاهر النص، أو لا يجوز أخذا بالمعنى ؛ فإنه إنما كان يخرج الشعير في زكاة الفطر على عهد النبي ﷺ لا لكونه شعيرا وإنما لكونه طعاما للناس ولم يعد اليوم طعاما للناس وإنما علف للبهائم في كثير من الدول؟

حكم المسألة

قال البخاري في صحيحه، باب صدقة الفطر صاعا من شعير، ثم ساق بسنده عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: (كنا نطعم الصدقة صاعا من شعير)، [البخاري (1505)]. وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما وفي حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (كنا نخرج زكاة الفطر صاعا من طعام أو صاعا من شعير أو صاعا من أقط، أو صاعا من زبيب)، [البخاري (1506) ومسلم (985)]، وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما أيضا: (أمر النبي الله ﷺ بزكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير) [البخاري (1507)].

وللعلماء المعاصرين في حكم إخراج الشعير في زكاة الفطر اتجاهان:

الاتجاه الأول: أنه يجزيء إخراج الشعير في زكاة الفطر في الوقت الحاضر، عملا بظاهر الأحاديث السابقة، ولأن هذا هو الموافق لعمل الصحابة على عهد رسول الله ﷺ .

 

الاتجاه الثاني: أنه لا يجزيء إخراج الشعير في زكاة الفطر في الوقت الحاضر في البلدان التي لم يعد الشعير فيها طعاما لللآدميين وإنما أصبح علفا للبهائم؛ وذلك أنه إنما كان الشعير مجزئا في زكاة الفطر على عهد النبي ﷺ ؛ لأن الشعير كان قوتا لهم، أما في وقتنا الحاضر فلم يعد قوتا للآدميين في كثير من البلدان، ولهذا لو أنك أعطيت فقيرا أو مسكينا في الوقت الحاضر شعيرا لما انتفع به وربما صرفه للبهائم، ومن حكمة إيجاب زكاة الفطر أنها طعمة للفقراء والمساكين، وهذا لا يتحقق إلا حين يكون الشيء المخرج قوتا للناس.

وذكر الشعير في حديث أبي سعيد ليس على سبيل التعيين، بل لأنه كان غالب قوت الناس يومئذ؛ ولهذا جاء في حديث أبي سعيد رضي الله عنه : (كنا نخرج في عهد رسول الله ﷺ يوم الفطر صاعا من طعام، قال أبو سعيد: -وكان طعامنا الشعير والزبيب والأقط والتمر)، وقد ذكر الحافظ ابن عبد البر -رحمه الله- في كتابه الاستذكار قال: قال أشهب: سمعت مالكا يقول: لا يؤدي الشعير إلا من هو أكله يؤده كما يأكله([1]).

فظاهر هذا أن الإمام مالكا يرى أنه لا يخرج الشعير إلا لمن يقتات الشعير، يكون قوتا له ويأكله، وفي الوقت الحاضر أصبح الشعير ليس قوتا للناس، وإنما علفا للبهائم، وحينئذ فلا يجزئ إخراج الشعير في زكاة الفطر في الوقت الحاضر، في البلدان التي لم يعد الشعير قوتا فيها للناس.


([1]) الاستذكار (1/1631).

المراجع

1. شرح فقه النوازل، سعد الخثلان (1/ 85 -86).
2. مجموع رسائل وفتاوى الشيخ ابن عثيمين، (18/282).

مسائل ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى