أن يقوم المشتري بعقد بيع مع البائع عن طريق التلفاز أو الهاتف أو البرقية أو التلكس أو الفاكس أو عن طريق الإنترنت, أو غيرها من الوسائل الحديثة المختلفة, دون اللقاء بين البائع والمشتري، على أن يتم الدفع بواسطة البنك أو أي طريقة أخرى.
العقود التي يتم إجراؤها عبر الهاتف والإنترنت والفاكس صحيحة, يصح الإيجاب والقبول في البيع عن طريق الهاتف والفيديو، وإذا كان العاقدان على الإنترنت في وقت واحد, ويظهر الطرف الآخر قبوله بعد الإيجاب بالفور فينعقد البيع، ويعد مجلس العاقدين في هذه الصورة متحدًا، هذا ما قرره مجمع الفقه الإسلامي الدولي والهيئة الشرعية لبيت التمويل الكويتي, ومجمع الفقه في الهند, الذي يضيف: إذا أجاب أحد في البيع على الإنترنت, ولم يكن الطرف الآخر متواجدًا على الإنترنت في وقت الإيجاب، وبعد وقت استلم الإيجاب، فهذه إحدى صور البيع بالكتابة. وعندما يقرأ الإيجاب يلزمه إظهار القبول في حينه. وقد ذكر فقهاء الشافعية مسألة قريبة الشبه من هذه الصورة , وهي أن المتعاقدين لا يشترط فيهما قرب المكان ولا رؤية بعضهما, لصحة العقد وانعقاده، ويسري ثبوت الخيار. ففي كتاب المجموع للإمام النووي: لو تناديا وهما متباعدان وتبايعا صح البيع بلا خلاف([1]).
قرارات المجامع الفقهية والهيئات الشرعية والفتاوى العلمية.
أولًا: قرارات المجامع الفقهية: ـ
1/ قرر مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنعقد في دورة مؤتمره السادس بجدة في المملكة العربية السعودية من 17-23 شعبان 1410 الموافق 14-20 آذار (مارس) 1990م، وبعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع إجراء العقود بآلات الاتصال الحديثة، ونظرًا إلى التطور الكبير الذي حصل في وسائل الاتصال وجريان العمل بها في إبرام العقود لسرعة إنجاز المعاملات المالية والتصرفات، وباستحضار ما تعرّض له الفقهاء بشأن إبرام العقود بالخطاب وبالكتابة وبالإشارة وبالرسول، وما تقرر من أن التعاقد بين الحاضرين يشترط له اتحاد المجلس – عدا الوصيـة والإيصاء والوكالة – وتطابق الإيجاب والقبول، وعدم صدور ما يدل على إعراض أحد العاقدين عن التعاقد، والموالاة بين الإيجاب والقبول بحسب العرف.
أولًا: إذا تم التعاقد بين غائبين لا يجمعهما مكان واحد، و لا يرى أحدهما الآخر معاينة و لا يسمع كلامه، وكانت وسيلة الاتصال بينهما الكتابة أو الرسالة أو السفارة (الرسول), وينطبق ذلك على البرق والتلكس والفاكس وشاشات الحاسب الآلي (الكمبيوتر), ففي هذه الحالة ينعقد العقد عند وصول الإيجاب إلى الموجه إليه وقبوله.
ثانيًا: إذا تم التعاقد بين طرفين في وقت واحد، وهما في مكانين متباعدين, وينطبق هذا على الهاتف واللاسلكي, فإن التعاقد بينهما يعد تعاقدًا بين حاضرين, وتنطبق على هذه الحالة الأحكام الأصلية المقررة لدى الفقهاء, المشار إليها في الديباجة.
ثالثًا: إذا أصدر العارض بهذه الوسائل إيجابًا محدد المدة يكون ملزمًا بالبقاء على إيجابه خلال تلك المدة، وليس له الرجوع عنه.
رابعًا: إن القواعد السابقة لا تشمل النكاح لاشتراط الشهود فيه، و لا الصرف لاشتراط التقابض، و لا السلم لاشتراط تعجيل رأس المال.
خامسًا: ما يتعلق باحتمال التزييف أو التزوير أو الغلط يرجع فيه إلى القواعد العامة للإثبات.
2/ قرَّر مجمع الفقه الإسلامي بالهند في ندوته الفقهية الثالثة عشرة في المدة: 18-21 محرم 1422 الموافق 13-16 إبريل 2001م بمديرية مليح آباد بولاية أترابراديش, حيث دار البحث والنقاش العلمي والفقهي حول المواضيع الخمسة الآتية:
بشأن التعاقد بالآلات الحديثة:
أولًا: المراد من المجلس الحال التي يشتغل فيها العاقدان بإجراء التعاقد، والقصد من اتحاد المجلس أن يتصل الإيجاب بالقبول في وقت واحد، ومن اختلاف المجلس ألا يتصل الإيجاب بالقبول في وقت واحد.
ثانيًا: أ) يصح الإيجاب والقبول في البيع عن طريق الهاتف ومؤتمر الفيديو، وإذا كان العاقدان على الإنترنت في وقت واحد, ويظهر الطرف الآخر قبوله بعد الإيجاب بالفور انعقد البيع، ويعد مجلس العاقدين في هذه الصورة متحدًا.
ب) إذا أجاب أحد في البيع على الإنترنت ولم يكن الطرف الآخر متواجدًا على الإنترنت وقت الإيجاب، وبعد وقت استلم الإيجاب، فهذه إحدى صور البيع بالكتابة، وعند ما يقرأ الإيجاب يلزمه إظهار القبول في حينه.
ثالثًا: إذا أراد المشتري والبائع إخفاء تعاقدهما, واستخدما لذلك الأرقام السرية، لم يجز لشخص آخر الاطلاع على هذا التعاقد، أما إذا كان لشخص ما حق الشفعة أو حق شرعي آخر متعلقًا بذلك العقد أو البيع, جاز له الاطلاع عليه.
رابعًا: إن عقد النكاح يحمل خطورة أكثر من عقد البيع، وفيه جانب تعبدي، ويشترط فيه الشاهدان، لذلك لا يعد مباشرة الإيجاب والقبول للنكاح على الإنترنت ومؤتمر الفيديو والهاتف، أما إذا استخدمت هذه الوسائل لتوكيل شخص للنكاح، ويقوم الوكيل من جانب موكله بالإيجاب والقبول أمام الشاهدين صح النكاح، ويلزم في هذه الصورة أن يكون الشاهدان يعرفان الموكل أو يذكر الموكل اسمه واسم أبيه عند الإيجاب والقبول.
ثانيًا: قرارات وفتاوى الهيئات الشرعية:
3/ فتوى الهيئة الشرعية لبيت التمويل الكويتي.
سئلت الهيئة عن موضوع يتعلق بإجراء العقود بالوسائل الحديثة ([2]).
فأجابت بما نصه:
إعطاء شيك واجب الدفع وغير مؤجل، والمراد بالدفع غير المؤجل عن طريق التليفون والتسجيل في دفتر المديونية والدائنية, كل ذلك يعد قبضًا, و لا بأس من تخلل العطل المتعارف عليها، وذلك تيسيرًا على المتعاملين في عصرنا الحاضر, الذي يتعسر بل يتعذر فيه التسليم والتسلم الفعليان بمجلس العقد, وبخاصة المبالغ الطائلة.
[1]) ينظر : المجموع (9/171) وروضة الطالبين (3/438) .
[2]) ينظر : نص السؤال في فتوى رقم (203) .
1/ قرارات وتوصيات مجلة مجمع الفقه الإسلامي الدولي الدورة 1-8 مجلة المجمع (ع 6، ج2 ص 785) قرار رقم (52 ).
2/ مجمع الفقه الإسلامي بالهند, قرار رقم: 54 (3/13).
3/ الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية لبيت التمويل الكويتي( ج 1-3 ),فتوى رقم (203).
4/موسوعة فتاوى المعاملات المالية للمصارف والمؤسسات المالية الإسلامية(11/166-168).
5/ صيغ العقود في الفقه الإسلامي, (رسالة دكتوراه)، صالح بن عبدالعزيز الغليقة, دار كنوز إشبيليا.
6/ الإرسال وأثره في الفقه الإسلامي, (رسالة ماجستير) عمشة بنت سعود السبيعي, جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، كلية الشريعة, الرياض.