قسم الأسرةباب النكاح

إجراء التلقيح الصناعي بعد افتراق الزوجين، أثناء العدة

المسألة رقم 33

العناوين المرادفة

أطفال الأنابيب بعد فراق الزوجين وقبل انتهاء العدة.

صورة المسألة

إذا اتفقت المرأة وزوجها على إجراء التلقيح الصناعي، ثم حصل بينهما طلاق بعد سحب العينات (الحيوان المنوي والبويضات)، فهل يجوز للمرأة (الزوجة) أن تكمل العملية بوضع البييضة المخصبة في رحمها بعد الطلاق وقبل انتهاء العدة؟

حكم المسألة

لا يخلو الطلاق من أن يكون بائناً أو رجعياً:

أولا – حال الطلاق البائن:

اختلف العلماء المعاصرون في حكم إجراء التلقيح الصناعي بعد الطلاق البائن وقبل انتهاء العدة، على قولين:

القول الأول: عدم جواز التلقيح الصناعي في أثناء عدة المطلقة طلاقاً بائناً، وبهذا قال جمهور العلماء والباحثين المعاصرين القائلين بجواز التلقيح الصناعي.

القول الثاني: التفصيل، فإذا كانت البييضة قد خصبت بحيوانات الزوج المنوية قبل الطلاق، ففي هذه الحالة يجوز استكمال العملية بنقل البويضات المخصبة (اللقائح) إلى رحم المرأة (الزوجة)، أما إذا كان الطلاق قد حصل قبل تخصيب البييضة فلا يجوز التلقيح حينئذ.

أ – أدلة القول الأول القائل بالتحريم مطلقا:

الدليل الأول: قياس التلقيح الصناعي على التلقيح الطبيعي، فما دامت المطلقة طلاقا بائنا يحرم على مطلقها (الزوج) تلقيحها تلقيحاً طبيعيا بالوطء، فكذلك لا يجوز له تلقيحها تلقيحاً صناعيا.

الدليل الثاني: أن التلقيح الصناعي إنما جاز – عند القائلين به – للحاجة إليه، والحاجة لم تعد قائمة في حال الطلاق، لأن بإمكان كل طرف أن يتزوج من جديد.

الدليل الثالث: أن من شروط التلقيح الصناعي أن تكون العلاقة الزوجية قائمة بين الطرفين وقت التلقيح، وهو أمر منعدم أو في حكم المنعدم في حال الطلاق البائن.

 

ب – دليل القول الثاني القائل بالتفصيل:

استدل أصحاب هذا القول بأن الحمل يبدأ من حين حدوث التخصيب، وبالتالي فإن عملية زرع البييضة ما هي إلا استمرار لحمل قد بدأ قبل الطلاق، والطلاق لا ينفي الحمل.

 

ثانيا– حال الطلاق الرجعي:

لا يخلو التلقيح الصناعي في أثناء العدة من طلاق رجعي من أحد احتمالين:

أ – أن يتم التلقيح دون رضا الزوج:

وللعلماء المعاصرين قولان في هذه المسألة:

القول الأول: أن التلقيح لا يجوز في هذه الحالة، لتخلف أحد شروطه المتفق عليها بين القائلين بجوازه، وهو شرط رضا الطرفين، وعلى هذا القول غالبية العلماء والباحثين القائلين بجواز التلقيح الصناعي في الجملة.

القول الثاني: أن المرأة يجوز لها التلقيح الصناعي مادامت في العدة ولو بدون رضا الزوج، لأنها في حكم الزوجة، فيحل لها ما يحل للزوجات ومن ذلك التلقيح بماء الزوج. ونسب هذا القول لبعض الباحثين.

ب – أن يتم التلقيح في العدة الرجعية برضا الطرفين:

وهذه الحالة تتخرج على الخلاف في إعطاء الرجعية حكم الزوجة في باب المعاشرة، وللفقهاء في تلك المسألة: اتجاهان:

الاتجاه الأول: أن الرجعية زوجة في باب المعاشرة، يجوز لزوجها أن يطأها. وهذا الاتجاه يمثله الحنفية والحنابلة.

وتخريجاً على هذا الرأي يجوز إجراء التلقيح الصناعي بعد افتراق الزوجين بالطلاق أثناء العدة إذا كان الطلاق رجعياً، لتحقق شرطه، وهو: قيام الزوجية وقت التلقيح، وسواءً أعتبر رجعة أو لم يعتبر.

الاتجاه الثاني: أن الرجعية أجنبية، فلا يجوز لمطلقها أن يطأها، وهذا الاتجاه يمثله المالكية والشافعية.

وتخريجا على هذا الرأي لا يجوز إجراء التلقيح الصناعي بعد افتراق الزوجين بالطلاق أثناء العدة إذا كان الطلاق رجعياً، إلا إذا نوى به الزوج الرجعة وفقاً للمذهب المالكي، أو تلفظ بالرجعة قبله وفقاً للمذهب الشافعي.

المراجع

1. أحكام النوازل في الإنجاب، الدكتور محمد بن هائل بن غيلان المدحجي، دار كنوز إشبيليا، الرياض، ط1، 1432هـ، 2/663 – 669.
2. فتوى الأزهر الشريف الصادرة في 21 مارس عام 1980 بخصوص الإخصاب المعملي ونقل الأجنة (أطفال الأنابيب).
3. الندوة الأولى للمنظمة الإسلامية للعلوم الطبية عنوانهــا: الإنجاب في ضوء الإسلام ـ الكويت ـ شعبان 1403 هـ مايو 1983 م.
4. فقه القضايا الطبية المعاصرة ” دراسة فقهية طبية مقارنة “: أ.د. علي محيي الدين القره داغي، أ.د. علي يوسف المحمدي، دار البشائر الإسلامية، بيروت، الطبعة الثانية، 1427هـ.
5. المسائل الطبية المستجدة في ضوء الشريعة الإسلامية، الدكتور محمد بن عبدالجواد حجازي النتشة، 1/181.

مسائل ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى