قسم الجنايات والقضاء والعلاقات الدوليةباب الجنايات

إتلاف المستندات

مسألة رقم 2

العناوين المرادفة

إتلاف الوثائق.
مسح المعلومات.

صورة المسألة

المستندات والوثائق المالية تكون في أحيان كثيرة ورقية، وقد تكون إلكترونية، فما الحكم لو تم مسح تلك المستندات أو إتلافها بطريقة مباشرة أو بأي نوع من أنواع البرامج الخبيثة كالفيروسات، أو تم التلاعب بها مما أدى إلى فقدان قيمتها النظامية؟

حكم المسألة

اختلف العلماء رحمهم الله فيمن أتلف لغيره وثيقة بمال لا يثبت ذلك المال إلا بها، هل يضمن قيمة الوثيقة فقط، أم أنه يضمن ما فيها من الحق؟

القول الأول: أن من أتلف لغيره وثيقة بمال لا يثبت ذلك المال إلا بها فإنه يضمن ما في تلك الوثيقة، وهذا القول هو مذهب المالكية، وهو احتمال في مذهب الحنابلة([1]).

وعند المالكية إن كان هناك سجل فلا يضمن إلا ما يغرمه على إخراجها من السجل.

ولا يضمن قيمة الورقة أيضًا التي كتب فيها السجل، إذ لا فائدة فيها إلا أخذ الحق بها، وقد غرمه فلا يضمن قيمة الورقة.

وقال بعضهم: إنه يضمن إن كان للورق في حد ذاته قيمة بقطع النظر عن الحق.

 

القول الثاني: أنه يضمن قيمة الصك أو الوثيقة التي كتب فيها الحق، ولا يضمن المال، وهذا القول هو مذهب الحنفية.

وهو مذهب الشافعية، فقد ذكروا أنه لو غصب وثيقة أو سجلا، وأتلفه ضمن قيمة الكاغد، وإن بطل الاحتجاج به. ولو محاه فقط فلا غرم عليه إلا أن تنقص قيمة الكاغد فيغرم نقصه([2]). وهذا القول احتمال في مذهب الحنابلة.

وبناءً على القول الأول فمن أتلف مستندًا إلكترونيًا فيه حق مالي لصاحبه لا يثبت ذلك الحق إلا بهذا المستند فإنه يضمن ما في هذا المستند؛ لأنه تسبب في ضياع الحق على صاحبه.

والتفصيلات التي ذكرها المالكية مفيدة في تطبيق الحكم على هذه المسألة، فيقال: إن كان هناك وثيقة أخرى للحق المالي فإنه لا يضمن؛ لأنه يمكن استيفاء الحق عن طريقها.

وإن كان استخراج المستند الإلكتروني ممكنًا، كأن يتم استرجاعه بواسطة أحد برامج الاسترجاع، أو كان هناك جهة تحتفظ بنسخة أخرى من الوثيقة الإلكترونية، لكن استرجاع المستند الإلكتروني له كلفة فإن المتلِف يغرم تكلفة الاسترجاع، لا الحق المالي كله.

وهل يضمن المعتدي قيمة الدعامة التي تم حفظ المستند الإلكتروني عليها بالإضافة إلى ضمانه المال؟

يقال: إن كانت الدعامة الإلكترونية في حد ذاتها لها قيمة مالية، وقد تضررت بالاعتداء عليها، فإنه يضمن في هذه الحال قيمتها.

وأما إن كانت لا قيمة لها في ذاتها، فإنه لا يغرم قيمتها؛ إذ لا فائدة لهذه الدعامة إلا أنها وسيلة لأخذ الحق، وقد غرمه المعتدي فلا يغرم قيمة الدعامة أيضًا.


([1]) مواهب الجليل للحطاب 2/224، وكشاف القناع للبهوتي 4/119.

([2]) أسنى المطالب 2/356.

المراجع

• الاعتداء الإلكتروني دراسة فقهية (رسالة دكتوراه ـ الفقه ـ كلية الشريعة)، د. عبدالعزيز الشبل (252) فما بعدها.
• مواهب الجليل في شرح مختصر خليل، تأليف: محمد بن محمد المغربي، المعروف بالحطاب الرعيني المالكي (2/224).
• كشاف القناع عن متن الإقناع، تأليف: منصور بن يونس البهوتي الحنبلي (4/119).
• أسنى المطالب في شرح روض الطالب، تأليف: زكريا بن محمد الأنصاري الشافعي ( 2/356).

مسائل ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى