أن يقوم العميل بدفع مبلغ من المال عربونًا في المرابحة للآمر بالشراء.
اختلف المعاصرون في ذلك على اتجاهين:
الاتجاه الأول: ذهبت مجموعة دلة البركة, ومؤتمر المصرف الإسلامي الثاني, والهيئة الشرعية لبيت التمويل الكويتي إلى جواز أخذ العربون في بيع المرابحة للآمر بالشراء, واشترط المؤتمر المصرف الإسلامي الثاني في فتوى له أنه لا يَحِق للمصرف أن يستقطع من العربون المقدم إلا بمقدار الضرر الفعلي المتحقق عليه من جراء النكول([1])؛ لأن المبلغ قبل استحقاق البنك له بالنكول يعد ملكه للعميل فربحه له.
الاتجاه الثاني: ذهب بعض الباحثين إلى المنع من أخذ العربون في بيع المرابحة للآمر بالشراء قبل تملك المأمور للسلعة، وذهبت هيئة المحاسبة في المعيار الشرعي الثامن إلى عدم جواز ذلك في مرحلة الوعد، كما أجازت أخذ مبلغ نقدي يسمى هامش الجدية، ولا يعتبر عربونا، وهذا المبلغ إما أن يكون أمانة لدى المؤسسة أو للاستثمار بإذن العميل على أساس المضاربة الشرعية بين العميل والمؤسسة، ومستند المانعين أن العربون فرع عن وجود عقد، والمأمور بالشراء غير مالك للسلعة فبأي حق يأخذ العربون، أما إذا تم شراء المأمور بشرائه فيحق له ذلك؛ لأنه أصبح مالكًا.
القرارات والفتاوى الصادرة عن الهيئات الشرعية:
1/ فتوى مجموعة دلة البركة.
ورد سؤال إلى مجموعة دلة البركة عن موضوع أخذ العربون في بيع المرابحة للآمر بالشراء([2]).
فأجابت بما نصه:
إن التأمين النقدي المشار إليه هو في الواقع (عربون ), ولا علاقة له بفتح الاعتماد المستندي للتمويل بالمرابحة, لأن فتح الاعتماد في هذه الحال يكون على مسئولية البنك, لأنه يشتري لنفسه قبل أن يبيع للعميل, وكل ما يتعلق بفتح الاعتماد وعمولته وضمانه هو من مسئوليات البنك, لكن يحق للبنك عند الدخول في مواعدة مع العميل على شراء البضاعة التي سيتملكها البنك أن يأخذ عربونا لضمان الجدية, وتنفيذ التزام الواعد تجاه البنك, وقد أقر ذلك مؤتمر المصرف الإسلامي الثاني الكويتي 1983 التوصية رقم 9, ونصها: يرى المؤتمر أن أخذ العربون في عمليات المرابحة وغيرها جائز بشرط ألا يستقطع من العربون المقدم إلا بمقدار الضرر الفعلي المتحقق عليه من جراء النكول, هذا وإذا كان التأمين في صورة وديعة فإن ربحها يكون لصالح العميل, لأن المبلغ قبل استحقاق البنك له بالنكول يعد ملكه للعميل فربحه له.
2/فتوى الهيئة الشرعية لبيت التمويل الكويتي.
سئلت الهيئة عن موضوع أخذ العربون في بيع المرابحة للآمر بالشراء([3]).
فأجابت بما نصه:
أولا: عن مواعدة أحد العملاء بأن نشتري سلعة معينة ثم نبيعها له بثمن مؤجل زائد عن الثمن الذي اشتريت به. أقول وبالله التوفيق: إن النصوص العامة للشريعة توجب على المسلمين الوفاء بعقودهم وعهودهم, إلا أن يحلوا حراما أو يحرموا حلالا([4]), والوفاء بهذا الوعد عند جميع الأئمة واجب تدينا وإن كان غير ملزم قضاء عند الأئمة الثلاثة: أبي حنيفة والشافعي وأحمد, وأما مالك فعنه روايات ثلاث هي:
( 1) أنه لا يجب الوفاء بالوعد
( 2) أنه يجب الوفاء به مطلقا
( 3) أنه إن ترتب على الوعد إلزام الموعود بشيء لولا الوعد ما فعله وجب الوفاء به, والصورة المسئول عنها من الوجه الأخير, وهذا ما أطمئن إليه, لأن الوفاء بالوعد من أخلاق المؤمنين, والخلف من أخلاق المنافقين, وعليه فهذا الوعد ملزم للطرفين
ثانيا وثالثا: أخذ العربون من هذا العميل جائز شرعا, وإذا أخلف وعده جاز مصادرة العربون إذا اشترط ذلك في العقد.
3/ فتوى الهيئة الشرعية لبيت التمويل الكويتي.
سئلت الهيئة أيضًا عن موضوع أخذ العربون في بيع المرابحة للآمر بالشراء([5]).
فأجابت بما نصه:
تداولت الهيئة في السؤال, وتبين أن مكاتب السيارات المستعملة يتركون مدة أربعة أيام تقريبًا, تظل السيارة محجوزة مبدئيا باسم العميل, مما يسبب ضياع بعض الفرص عليهم, ومع أن أخذ العربون في المرابحات جائز شرعا, ولا علاقة له بفكرة الإلزام أو عدمها, لكن تم التعامل على عدم أخذه لإبعاد صورة الإلزام, التي اختار بيت التمويل عدم الأخذ بها في المرابحات الداخلية.
وللسبب نفسه لا ترى الهيئة أخذ العربون من قبل تلك المكاتب, ولو كان لصالح بيت التمويل الكويتي, خشية توهم تمام البيع بين المكتب وبين العميل, ويظن أن دور بيت التمويل هو دفع الثمن فقط لقاء الربح , ومع جواز أخذ العربون من العميل من المرابحة, سواء قام بأخذه موظف بيت التمويل أو وكيله (مكاتب شركات السيارات المستعملة ), فإننا نرى عدم أخذه سدًّا للذريعة وإبعادا للشبهات عن تصرفات بيت التمويل, ويلجأ إلى تحديد الأخطار بإعطاء العميل مدة قصيرة يحق للمكتب البيع لغيره إذا لم يراجع خلالها, والله أعلم
4/ قرارات وتوصيات مؤتمر المصرف الإسلامي الثاني.
وردت فتوى في ثنايا قرارات وتوصيات مؤتمر المصرف الإسلامي عن العربون في عمليات المرابحة ([6]).
يرى المؤتمر أن أخذ العربون في عمليات المرابحة وغيرها جائز, بشرط ألا يحق للمصرف أن يستقطع من العربون المقدم إلا بمقدار الضرر الفعلي المتحقق عليه من جراء النكول.
[1]) ينظر : المجموع (9/317) والمبدع (4/59) .
[2]) ينظر : نص السؤال في فتوى رقم ( 6 ) .
[3]) ينظر : نص السؤال في فتوى رقم ( 5 ) .
[4]) عملًا بقول النبي ﷺ : (المسلمون على شروطهم ) أخرجه البخاري تعليقًا قبل حديث (رقم 2154) وينظر : فتح الباري (4/451-452) (9/219) والتمهيد (18/170) .
[5]) ينظر : نص السؤال في فتوى رقم ( 321 ) .
[6]) ينظر نص السؤال في فتوى رقم ( 7 ) .
1/كتاب الأجوبة الشرعية في التطبيقات المصرفية، الجزء الأول، إدارة التطوير والبحوث مجموعة دلة البركة, فتوى رقم (6).
2/توصيات وقرارات مؤتمر المصرف الإسلامي الثاني المنعقد بالكويت (جمادى الآخرة 1403 هـ، مارس 1983 م), فتوى رقم (7).
3/كتاب الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية, الأجزاء (1) (2) (3).
4/الهيئة الشرعية لبيت التمويل الكويتي, فتوى رقم (321) وفتوى رقم (5).
5/المعايير الشرعية لهيئة المحاسبة والمراجعة، المعيار الشرعي الثامن، البند 2/5/3، 2/5/6.