أن يأخذ الشخص أجرة من المواقع الإعلانية, مقابل تصفحه للإعلانات, أو مقابل كل شخص يأتي من طرفه يتصفح هذه الإعلانات في الإنترنت.
اختلف المعاصرون في حكم هذه المعاملة على اتجاهات:
الاتجاه الأول: جواز أخذ الأجرة على أن التصفح جائز بشرطين: الأول: أن يكون نشاط الشركة مباحا، والثاني: أن تكون الأجرة معلومة، وأما أخذ الأجرة على الإتيان بالأشخاص المتصفحين أو المشترين, فإذا كانت الأجرة تعطى على مجرد الإتيان بالمشتري أو المتصفح فلا بأس بها، وإذا كانت الأجرة بمقدار الأشخاص أو بمقدار ما يشترون أو يتصفحون فلا تجوز للجهالة، وهو ما ذهبت الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف بالإمارات.
الاتجاه الثاني: عدم جواز هذه المعاملة، وهو ما ذهب إليه بعض الباحثين, لأنها تشمل عدة محذورات: منها عدم كون المنفعة المستأجر عليها معتبرة شرعًا, وهي مجرد تصفح الإعلانات، وقد ينضم إلى ذلك الغش والخداع لبعض الشركات الراغبة في الإعلان في هذا الموقع بإيهامها بكثرة زواره، وأخذ مال بسبب عمل المحالين دون مقابل، ودفع نقود مقابل زيادة نسبة الأرباح أو شراء المحالين، وهذا لا يجوز, لأن المال المدفوع من المشترك ليس في مقابلة منفعة معتبرة شرعًا، وفي هذا مبادلة النقد بالنقد مع التفاضل والتأخير، فضلًا عن الغرر والجهالة، فهو يجمع بين الربا والميسر.
الاتجاه الثالث: التفصيل، وقد ذهب إليه المعاصرين, فقسمها إلى نوعين: النوع الأول: نوع مقابل التصفح المجرد، دون دفع أي اشتراك أو رسوم من أي نوع. وهذا النوع لا حرج فيه -إن شاء الله- بشرط أن تكون الإعلانات بعيدة عن المحاذير الشرعية، ولا تتضمن الدعاية لمحرم أو منكر؛ أما النوع الآخر: مقابل رسوم اشتراك غير مستردة، بالإضافة للتصفح, فيرى أن يتجنب المسلم هذا النوع من التعامل.
القرارات والفتاوى الصادرة عن الهيئات الشرعية:
1/ الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف (الإمارات).
ورد سؤال للهيئة يتعلق بموضوع أخذ الأجرة مقابل تصفح الإعلانات في الإنترنت.
فأجابت بما نصه ([2]).
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد..
فإذا كانت الشركة تعطي مبلغا معينا محددا لمن يتصفح في موقعها كل ساعة مثلا بكذا، وكان النشاط الذي تقوم بالترويج له مباحا، فلا بأس بمثل هذا العمل، وأخذ الأجرة عليه بهذين الشرطين, وهما أن تكون الأجرة معلومة أي كل ساعة بكذا، وأن يكون نشاط الشركة مباحا، ويمكن تخريج هذا النوع على أنه من باب الجعالة، فالشركة مثلا تقول: كل من تصفح مدة كساعة مثلا فله نصف دولار، قال العلامة ابن جزي رحمه الله تعالى في كتابه القوانين الفقهية: (وإنما يجوز الجعل بثلاثة شروط: أحدها أن تكون الأجرة معلومة)([3]).
وأما عن الأشخاص الذين يأتون عن طريق الشخص فإذا كان يتقاضى عليهم أجرة معلومة من الشركة بمجرد الإتيان بمتصفح أو من يشتري؛ فهذا لا بأس به أيضا, فهو مما يسميه الفقهاء أجرة الدلال, بمعنى دلني على من يشتري مني هذه السلعة ولك كذا، قال العلامة ابن رشد في كتابه البيان والتحصيل ناقلا عن ابن القاسم أنه قال: (من قال دلني على من أؤجره نفسي. فدل عليه فذلك لازم له؛ لأنه لا يجب عليه الإدلال عليه).
وإذا كانت الشركة تتعامل مع الأشخاص بقدر ما يأتي به من متصفحين أو مشترين، أو بقدر ما يتصفحون أو يشترون، وتعطى الأجرة على هذا الأساس، فهنا جهلت الأجرة في الجعل، ومن ثم لا يجوز التعامل بمثل هذا الصيغة، والله أعلم.
2/ رأي بعض الباحثين الذين ذهبوا إلى عدم جواز هذه المعاملة.
“لا يجوز التعامل مع هذه المواقع, لأنه يشمل عدة محذورات: منها عدم كون المنفعة المستأجر عليها معتبرة شرعًا, وهي مجرد تصفح الإعلانات، وقد ينضم إلى ذلك الغش والخداع لبعض الشركات الراغبة في الإعلان في هذا الموقع بإيهامها بكثرة زواره، وأخذ مال بسبب عمل المحالين دون مقابل، ودفع نقود مقابل زيادة نسبة الأرباح أو شراء المحالين، وهذا لا يجوز, لأن المال المدفوع من المشترك ليس في مقابلة منفعة معتبرة شرعًا، وفي هذا مبادلة النقد بالنقد مع التفاضل والتأخير، فضلًا عن الغرر والجهالة، فهو يجمع بين الربا والميسر”.
والله أعلم.
[2]) ينظر : نص السؤال في فتوى رقم (11572) .
[3]) القوانين الفقهية (ص :182) .
1/ الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف (الإمارات) , فتوى رقم (11572).