قد يوجد في كثير من الأحيان قطع أو أجزاء من ملابس الجاني في مكان الحادث؛ إما لتمزقها إثر عراك بينه وبين المجني عليه، أو بسبب تعلقها بمسمار ونحوه مما قد يعترضه أثناء هروب الجاني، أو تكون تلك الملابس قد استخدمت في تكميم المجني عليه أو ربطه، ولربما استخدمها الجاني لمسح بصماته قبل هروبه من المكان، أو في مسح سلاحه إثر ما تلوث به من دم ونحو ذلك.
وهذه الملابس لها أهمية ظاهرة في مجال البحث والتحقيق الجنائي، سواء كان ذلك لما تحتويه هذه القطع من بقع دموية أو منوية قد يستفاد منها، أو لذات القطعة التي يمكن الاستفادة منها سواء في التعرف على حرفة صاحبها من خلال ما قد يكون عالقاً بها، أو الطبقة التي ينتمي إليها وهل هو عامل أو موظف من خلال نوع النسيج، كما يمكن الاستدلال بها على الجهة التي أتى منها الجاني من خلال معرفة الأماكن التي يشيع فيها هذا النوع من النسيج.
فإذا وجدت قطعة من قماش أو نسيج في مكان الحادث، ثم وجد على المتهم أو معه قماش مماثل له، فهل يعد ذلك قرينة على أنه هو الجاني؟
ذكر بعض الباحثين المعاصرين أن عدم وجود ملابس لدى المتهم مطابقة للملابس الموجودة في مكان الحادث ليس كافياً في نفي التهمة عنه؛ لاحتمال أنه قد تخلص منها بأي طريقة كانت، إذ من عادة الجناة ـ ولا سيما المحترفين منهم ـ السعي إلى إزالة وإخفاء كل ما يمكن أن يفيد في التعرف عليهم من ملابس أو سلاح وغيرهما.
أما إذا وجدت تلك الملابس واتضح بعد المقارنة أنها مطابقة لما وجد في مكان الحادث، فالذي يظهر أن ذلك لا يعد دليلاً قاطعاً على أن المتهم هو الجاني؛ لاحتمال أنها وضعت في بيته بدون علمه، أو أن الجاني أخذها من غير علمه واستخدمها أثناء الجناية ثم ردها إليه، وغير ذلك من الاحتمالات التي يعمد إليها المجرمون للتضليل على المفتشين ورجال الأمن.
ولا يلزم من هذا أن يكون المتهم بريئاً مما نسب إليه، بل تعد هذه المطابقة من القرائن المتوسطة التي تقوي التهمة في جانبه، مما يسوغ معه للقاضي أو المحقق توقيفه ومساءلته، والتشديد عليه، حتى يصدر منه إقرار بالفعل، أو تتكون لدى القاضي القناعة ببراءته.
• القرائن المادية وأثرها في الإثبات (رسالة دكتوراه ـ كلية الشريعة ـ جامعة الإمام) د. زيد القرون (452ـ 459).
• كشف الجريمة بالوسائل العلمية الحديثة لعبد العزيز حمدي ص 134.
• جرائم القتل والجرح والضرب وإعطاء المواد الضارة من وجهة قانونية لأحمد أبو الروس ص779.
• الطب الشرعي ليحيى شريف وآخرون1/133.
• الجرائم الجنسية وإثباتها لأبي بكر عزمي ص304.
• الوسائل العلمية الحديثة في الإثبات الجنائي لحسنين بوادي ص138.
• الطب الشرعي والبحث الجنائي للخضري وأبو الروس ص571-572.
• منهج البحث الجنائي لأحمد أبو الروس ص280.
• التحقيق الجنائي الفني والبحث الجنائي لعبد الفتاح مراد ص246.
• الأدلة الجنائية للمعايطة والمقذلي ص123-124.
• البوليس العلمي أو فن التحقيق لرمسيس بهنام ص130.
• الطب الشرعي في التحقيقات الجنائية لإبراهيم الجندي ص216.
• منهج البحث الجنائي لأحمد أبو الروس ص281-283.