يستخدم اليوم لتلوين الشعر أصباغ وملونات حديثة ليس لها جرم وألوانها عديدة، منها الطبيعي المشتق من النباتات، ومنها الصناعي المركب من مواد كيميائية، وهي غالبا مشتقات نفطية، فهل تؤثر في الطهارة بحيث تمنع وصول الماء إلى الشعر؟
الذي عليه جماهير علماء العصر أن الصبغات الحديثة، الطبيعية منها والصناعية (الكيميائية)، تصح معها الطهارة الكبرى والصغرى، ولا يلزم إزالتها، شريطة أن تكون بمادة طاهرة، ولا جِرْم لها.
وبه صدرت فتوى دار الإفتاء الأردنية([1])، ودار الإفتاء المصرية([2])، وهو مقتضى فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء، إذ أجازت في الوضوء المسح على الكريمات التي ليس لها كثافة([3])، وكذا غسل اليدين والرجلين وعليهما الحناء لأنها مجرد لون([4]).
فإن وجد نوع من هذه الأصباغ يكون له جِرْم، بحيث يمنع وصول الماء إلى الشعر عند الوضوء، أو إلى الجلد عند الاغتسال، فما الحكم؟
اتفق المعاصرون على وجوب إزالته للطهارة الكبرى، من رفع جنابة، أو اغتسال المرأة من حيضها ونفاسها.
واختلفوا في حكم المسح عليها في الوضوء على اتجاهين:
الاتجاه الأول: جواز المسح عليها، وهو رأي ابن عثيمين([5])، قال: “فلو لبَّدت المرأة رأسها بالحِنَّاء جاز لها المسحُ عليه، ولا حاجة إلى أن تنقض رأسَها وتَحُتُّ هذا الحنَّاء، ولا سيما أن الرَّأس من أصله لا يجب تطهيرُه بالغسل، وإنما يطهرُ بالمسح، فلذلك خُفِّفَتْ طهارتُه بالمسح”.
ودليله: أنه صح عن النبي ﷺ أنه لبد شعره وهو محرم وقال: (إني لبدت رأسي)، [البخاري (1725) ومسلم (1229)]، وفي رواية: (لبد رأسه بالعسل)، [أبوداود (1748)]، وقد مكث ﷺ محرما في حجته خمسة عشر يوما، قالوا: ولكن يلزم إزالته للطهارة الكبرى.
الاتجاه الثاني: عدم جواز المسح على الصبغات إذا كان لها جرم، وهو مقتضى فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء، إذ أفتت بوجوب إزالة ما له جرم من الأصباغ وما شابهها لصحة الطهارة([7]).
والدليل على هذا: أن هذه الصبغات لها جرم يحول دون وصول الماء إلى الشعر أو الجلد، فلا يتحقق الغسل أو المسح مع وجودها، فتتعين إزالتها.
([1]) دار الإفتاء الأردنية، فتوى (264) http://www.aliftaa.jo
([2]) دار الإفتاء المصرية، فتوى (2300) http://www.dar-alifta.org
1. جامع أحكام النساء (4/217).
2. شرح عمدة الفقه، عبد الله بن عبد العزيز الجبرين، (1/90).
3. الشرح الممتع، محمد بن صالح العثيمين، (1/196).
4. فتاوى الشيخ ابن عثيمين (17/21).
5. فتاوى اللجنة الدائمة، (4/70).
6. النوازل في الطهارة والصلاة، باسم القرافي (1/245).