قسم الجنايات والقضاء والعلاقات الدوليةباب مسائل القضاء

أثر رسائل الجوال في الإثبات

مسألة رقم 171

العناوين المرادفة

الإثبات بواسطة رسائل الهاتف النقال.

صورة المسألة

إذا ادعى شخص على آخر بدعوى وكانت دعواه مؤيدة برسالة جوال صادرة من هاتف المدعى عليه إلى هاتف المدعي، كما لو ادعى رجل على آخر بأنه قد سرق ماله، وأيد هذه الدعوى بإبراز رسالة فيها إقرار بالسرقة، وأنه لن يرد المال إلا بعد تحقق مطلب معين، أو ادعت امرأة بأن زوجها قد طلقها برسالة أرسلها على جوالها الخاص ونحو ذلك، فهل يمكن اعتبار تلك الرسائل من القرائن القوية التي يحكم بموجبها؟

حكم المسألة

ذكر بعض الباحثين المعاصرين أن الأمر هنا لا يخلو من حالتين:

الحالة الأولى: أن يقر المدعى عليه بأنه قد أرسل تلك الرسالة، وفي هذه الحالة يحكم عليه بإقراره لا بمجرد الرسالة.

الحالة الثانية: أن يعترف المدعى عليه بأن هذا رقم جواله ولكنه ينكر أن يكون قد كتب هذه الرسالة، أو أنه أرسلها، أو علم بها، وفي هذه الحالة لا يمكن القول بأن القاضي يحكم بموجب هذه الرسالة مطلقاً، كما أنه لا يمكن القول بإهمال الرسالة وعدم الاعتداد بها.

والذي يظهر أن مثل هذه الرسالة تعد من القرائن المتوسطة التي تورث شبهة قوية، وتحتاج إلى ما يعززها من أجل العمل بها.

فاحتمال كون المدعى عليه هو المرسل أمر وارد، واحتمال أنها قد أرسلت من جواله دون علمه أمر وارد أيضاً، ولذلك ينبغي للقاضي أن يجتهد في سؤال المدعى عليه والاستفصال عما إذا كان قد فقد جواله، أو أعطاه غيره ونحو ذلك، فإن أجاب بنعم طلب منه إثبات ذلك، فإن أثبت وبدا من واقع الحال والظروف المحيطة أن المدعى عليه لم يرسل فإن للقاضي هنا أن يكتفي بتحليف المدعى عليه أنه لم يرسل الرسالة ولم يعلم بإرسالها، فإن حلف خلّي سبيله ولا شيء عليه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم للأشعث بن قيس حين اختصم مع رجل من اليهود في أرض بينهما: «ألك بينة؟» قلت: لا، قال: فقال لليهودي: «احلف» [رواه البخاري (7184)، مسلم (138)].

أما لو احتف بتلك الرسالة قرائن أخرى تدل على أن المدعى عليه هو من أرسلها، كما لو بدا عليه الاضطراب أثناء التحقيق والاستجواب، أو أنه لم يثبت فقده للجوال وقت الإرسال، أو بدا من ظاهر حاله أنه كاذب في الإنكار لما علم من فسقه وعدم تردده في الكذب، إضافة إلى وجود شيء من الخلاف والنزاع مع المدعي ونحو ذلك، فإن للقاضي-والحالة هذه – أن يحكم بمجموع هذه القرائن ومنها الرسالة، ويرتب عليها آثارها، فإن كان قد أقر في الرسالة بالسرقة ألزمه بإعادة المال المسروق، أو بدله إن أتلفه، ولكن لا يقيم عليه حد السرقة لأن الشبهة هنا ظاهرة، وإن كانت مشتملة على طلاق أوقعه ونحو ذلك.

المراجع

• القرائن المادية وأثرها في الإثبات (رسالة دكتوراه ـ كلية الشريعة ـ جامعة الإمام) د. زيد القرون (647ـ 652).
• فتاوى واستشارات موقع الإسلام اليوم.
• موقع الإسلام سؤال وجواب ( فتوى رقم 70460).

مسائل ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى