أثر التقنية الحديثة في الغرقى والهدمى.
في حالات كثيرة – ومنها حالات الحوادث والكوارث – يقتل أو يموت عدد من أفراد الأسرة الواحدة في وقت واحد، بحيث يجهل آخرهم موتا من أسبقهم، مما يترتب عليه عدم معرفة الوارث من المورِّث، وهذه الحالات يسميها الفقهاء (مسائل الغرقى والهدمى).
فهل يمكن الاعتماد على التقنيات الحديثة لمعرفة المتأخر وفاة، حتى يحكم له ولورثته من بعده بالإرث من المتقدم بالوفاة؟
لا خلاف بين العلماء أنه في حالة الجزم بتأخر وفاة أحد المتوارثيْن عن الآخر: أن المتأخر موتا يرث المتقدم، لوجود شرط الإرث وهو تحقق حياة الوارث بعد موت المورث.
وأما إذا لم يمكن تحديد المتأخر من المتقدم فلا توارث بينهما عند جمهور العلماء، لعدم تحقق الشرط المذكور.
وقد أظهرت التقنيات الطبية الحديثة أنه يمكن التوصل إلى معرفة وقت الوفاة بشكل تقريبي بواسطة متابعة تطور عدد من التغيرات التي تحدث في جثة الميت، ومن تلك التغيرات: انخفاض درجة حرارة الجسم، وترسب الدم في الأوعية الدموية المنخفضة، وتصلب العضلات، والتعفن، والتحنط الطبيعي.
وبالرغم من كثرة محاولات الباحثين في هذا المجال إلا أن التقنيات الحديثة لم تصل بعدُ لتحديد لحظة الوفاة بشكل قاطع، بل بقي هامش الشك موجودا في حدود ساعات يسيرة، مما يدل على أن التقارير الطبية المجردة من شهادات العدول من ذوي الخبرة لا ترفع الشك، وبالتالي فإنها لا تحقق شرط التوريث الذي هو تحقق حياة الوارث بعد موت المورث.
1. أثر التقنية الحديثة في الخلاف الفقهي، تأليف الدكتور هشام بن عبدالملك بن عبدالله بن محمد آل الشيخ، مكتبة الرشد ناشرون، الرياض، ط2، 1428هـ – 2007م.
2. مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، 31/356.
3. أثر وسائل الاتصال الحديثة على ميراث المفقود في الفقه الإسلامي، رسالة ماجستير، إعداد: مؤمن أحمد ذياب شويدح، الجامعة الإسلامية بغزة 2007.