أثر المشافهة الإلكترونية في الإثبات

المشافهة الإلكترونية التي تتم عن طريق الإنترنت لا تختلف كثيراً عما هي عليه في استخدام الهاتف إلا من حيث الوسيلة المستخدمة، والذي يظهر أن المشافهات الإلكترونية – ومثلها المخاطبات الهاتفية – لا يمكن أن تعد بذاتها وسيلة من وسائل الإثبات إذا تم التعاقد بها؛ لأنه تعاقد شفوي من المتعذر إثباته أمام القضاء عند المنازعة، ولذلك تعد مثل هذه الدعوى دعوى مجردة تحتاج إلى ما يعززها ويقويها، ومن ثم فلا يخلو الأمر من إحدى الحالتين الآتيتين:

الحالة الأولى: أن يقر المدعى عليه بما نسب إليه، فيحكم حينئذ بالإقرار لا بمجرد المشافهة.

الحالة الثانية: أن ينكر المدعى عليه تلك الدعوى، وحينئذ لا يخلو الأمر مما يأتي:

أولاً: أن يكون لدى المدعي تسجيل لهذه المشافهة محفوظ على جهاز الحاسوب لديه، فيقوم باستنساخه وتقديمه للقضاء، فينتقل الكلام هنا إلى تفصيل الكلام عن أثر التسجيل الصوتي في الإثبات، وهو لا يعد من القرائن القوية، وليس بحجة في ذاته، ولكن لا بأس من الاستفادة منه في التحقيق مع المدعى عليه.

ثانياً: أن يكون لدى المدعي أشخاص قد حضروا تلك المشافهة واستمعوا إليها أو شاركوا فيها، فلا بأس حينئذ من قبول شهادتهم إذا توافرت فيهم شروط الشهادة، ويكون الحكم حينئذ بناء على البينة لا على مجرد المشافهة.

ثالثاً: ألا يكون مع المدعي شيء مما سبق فتكون حينئذ دعوى مجردة، تجرى عليها أحكام الدعاوى، فتوجه اليمين إلى المدعى عليه، فإن حلف خلي سبيله ولا شيء عليه قضاء؛ لما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم: اختصم إليه الأشعث بن قيس مع رجل من اليهود في أرض قال: فقدّمته إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألك بينة؟» قلت: لا، قال: فقال لليهودي: «احلف»، قال: قلت يا رسول الله، إذن يحلف ويذهب بمالي. [رواه البخاري (7184)، مسلم (138)].

ولذلك ينبغي عند إجراء العقود – أو غيرها من الأمور المهمة التي قد تكون محل نزاع – من خلال شبكة الإنترنت أن يلجأ المتعاقدان إلى الطرق السليمة التي من خلالها يتم التوثيق والاطمئنان على حفظ الحقوق، ومنه التوثق بالتوقيع الإلكتروني.