• عدة ممتدة الطهر.
• عدة من ارتفع حيضها لا تدري ما رفعه.
بين الله – عز وجل – عدة التي تحيض، وعدة الآيسة، وعدة الحامل، واختلف الفقهاء – رحمهم الله تعالى – في عدة من ارتفع حيضها لا تدري ما رفعه إذا طلقت متى تنتقل للاعتداد بالأشهر؟
ونظراً للتقدم الطبي الكبير اليوم والذي خدم هذه المسألة فباتت المرأة تعرف غالباً أسباب ارتفاع حيضها، كما أنها تستطيع التحقق من براءة رحمها بالتحاليل المخبرية وأشعة الموجات فوق الصوتية ونحوها من الفحوصات الطبية، فقد بحث المعاصرون أثر هذا التقدم التقني في الخلاف في هذه المسألة، فهل تبقى المرأة تسعة أشهر للتحقق من براءة رحمها ثم تنقل للاعتداد بالأشهر كما عليه جمهور الفقهاء، أو أن الحكم ببراءة رحمها بالوسائل الحديثة كافٍ للانتقال للأشهر؟
اختلف الفقهاء – رحمهم الله – قديماً في عدة المطلقة التي ارتفع حيضها لا تدري ما رفعه على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن من كانت تحيض ثم ارتفع حيضها لا تعلم ما رفعه تعتد سنة، لتعلم براءة رحمها، وهذا قول عند الحنفية، وهو مذهب المالكية، وأحد قولي الشافعي، ومذهب الحنابلة، واختيار شيخ الإسلام([1]).
وعليه الفتوى اليوم.
أدلة القول الأول: من أبرز ما استدل به أصحاب هذا القول:
1) قضاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقد روي “أنه قال في رجل طلق امرأته فحاضت حيضة أو حيضتين، فارتفع حيضها لا تدري ما رفعه: تجلس تسعة أشهر، فإذا لم يستبن بها حمل تعتد بثلاثة أشهر، فذلك سنة”. [أخرجه مالك في الموطأ (162)، والشافعي في مسنده (1416)، والبيهقي 7/419 – 420، وعبدالرزاق 6/339، وابن أبي شيبة 5/209].
وجه الدلالة: أن هذا الأثر عن عمر رضي الله عنه حكم في المسألة، ولم يخالفه أحد من الصحابة فكان إجماعاً.
قال الإمام الشافعي – رحمه الله –([2]): “كان يقضي به أمير المؤمنين عمر بين المهاجرين والأنصار y ولم ينكر عليه، فكيف تجوز مخالفته؟”
2) أن الغرض من الاعتداد معرفة براءة رحمها والتسعة أشهر كافية لذلك، وفي الزيادة عليها إدخال ضرر على المرأة بتربصها مدة طويلة لا تمكن فيها من النكاح، وضرر على الزوج بإلزامه بالنفقة والسكنى طوال عدتها، فلا يزاد على ذلك.
القول الثاني: أن من كانت من ذوات الأقراء ثم ارتفع حيضها لا تعلم ما رفعه تتربص أربع سنين أكثر مدة الحمل، لتعلم براءة رحمها ثم تعتد بثلاثة أشهر، وهذا قول عند الشافعية، وقول عند الحنابلة([3]).
دليل القول الثاني:
أن هذه المدة هي أكثر مدة الحمل عندهم، وهي التي يتيقن بها براءة الرحم، فوجب اعتبارها احتياطاً.
القول الثالث: أن من ارتفع حيضها لا تدري ما رفعه اعتدت أبداً حتى تحيض أو تبلغ سن اليأس، وهذا مذهب الحنفية، ومذهب الشافعي في الجديد وهو الأصح من مذهبهم([4]).
أدلة القول الثالث:
1) قضاء عبدالله بن مسعود رضي الله عنه ، فقد روي أن علقمة طلق امرأته تطليقة أو تطليقتين، فحاضت حيضة أو حيضتين ثم ارتفع حيضها سبعة عشر شهراً أو ثمانية عشر شهراً ثم لم تحض الثالثة حتى ماتت، فأتى عبدالله بن مسعود رضي الله عنه فذكر ذلك له، فقال له: “حبس الله عليك ميراثها” وورثه منها. [أخرجه البيهقي في الكبرى (15411)، وقال الألباني في إرواء الغليل 7/202: “وهذا إسناد صحيح”].
وجه الدلالة: أن توريث ابن مسعود للزوج دليل على حكمه ببقاء العدة حتى تحيض أو يثبت إياسها.
2) ظاهر القرآن أنه لا مدخل لذوات الأقراء في الاعتداد بالأشهر، وإنما هو للصغيرة أو الآيسة، فمن لم تكن آيسة فعدتها الأقراء وإن تباعدت لأنها لا زالت ترجو عود الدم.
ولكن بعد التطور الطبي الكبير اليوم، وإمكان معرفة سبب ارتفاع الحيض، وإمكان التحقق من براءة الرحم بالوسائل المخبرية وبالموجات فوق الصوتية وبوسائل التقنية المتطورة فإن الباحثين المعاصرين رأوا أن لذلك تأثيراً في الخلاف الفقهي السابق، ويمكن إيجاز ما توصلوا إليه في الآتي:
أولاً: إن كشف الطب سبب ارتفاع الحيض، وكان السبب إزالة الرحم والمبيضين ونحو ذلك مما يتعذر معه الحيض والحمل فإن المطلقة حينئذ تعتد بالأشهر مباشرة؛ لأنها آيسة.
ثانياً: إن كشف الطب سبب ارتفاع الحيض وكان السبب مرضاً عارضاً يرجى برؤه ويمكن علاجه فيكون حكم المرأة حينئذ حكم من ارتفع حيضها لسبب تعلمه فتتربص حتى يعود الحيض.
ثالثاً: إن كشف الطب سبب ارتفاع الحيض، وكان السبب مرضاً لا يرجى برؤه، وتبين بالفحوصات الطبية خلو الرحم من الحمل.
رابعاً: إن لم يتمكن الطب من معرفة سبب ارتفاع الحيض، وتبين بالفحوصات الطبية خلو الرحم من الحمل.
ففي الصورتين الأخيرتين مال بعض الباحثين إلى عدم إلزام المرأة بالاعتداد سنة كاملة، وإنما تعتد ثلاثة أشهر إذ الاعتداد بالتسعة أشهر إنما كان للتحقق من براءة الرحم وقد حصل.
خامساً: إن لم يتمكن الطب من معرفة سبب ارتفاع الحيض، ولم تقم المرأة بالفحوصات التي تتحقق بها خلو رحمها من الحمل فحينئذ تعتد سنة كاملة.
([1]) ينظر: بدائع الصنائع 3/195، البحر الرائق 4/142، الفتاوى البزازية 4/256 (بهامش الهندية)، مواهب الجليل 4/144، التاج والإكليل 5/476، الأم 5/230، روضة الطالبين 8/371، المغني 11/214، المبدع 8/124، مجموع فتاوى شيخ الإسلام 34/21 – 23.
([2]) رواه ابن المنذر عنه في الإشراف 4/285.
([3]) ينظر: الأم 5/230، مغني المحتاج 5/83، روضة الطالبين 8/371، الفروع 9/245، المبدع 8/110.
([4]) ينظر: بدائع الصنائع 3/196، البحر الرائق 4/150، الأم 5/230، روضة الطالبين 8/371.
– عدة من ارتفع حيضها لا تدري ما رفعه، دراسة فقهية طبية، د. نورة بنت عبدالله المطلق، مجلة الجمعية الفقهية، ص203، 1431هـ/2010م، ع9، 1433هـ/2011م.
Units.imamu.eolu.sa
– الخبرة ومجالاتها في الفقه الإسلامي، رسالة دكتوراه، د. فاطمة بنت محمد الجار الله، جامعة الإمام، 1422هـ، ص676.
– التحقق من وجود الحمل بالوسائل المخبرية وآثاره، د. هيلة بنت عبدالرحمن اليابس، مجلة كلية دار العلوم، ص700 – 701.
– أثر التقنية الحديثة في الخلاف الفقهي، د. هشام بن عبدالملك آل الشيخ، رسالة دكتوراه، المعهد العالي للقضاء، جامعة الإمام محمد بن سعود، مكتبة الرشد، ط1، 1427هـ/2006م، ص638 – 657.
– فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم 11/149.
– موقع إسلام ويب، مركز الفتوى (33143) fatwa.islamweb.net
– موقع الإسلام سؤال وجواب (164587) (12667) islamqa.infor
– دار الإفتاء المصرية – فتاوى بحثية، متى تنتهي عدة المطلقة الممتدة الطهر. dar.alifta.org
– موقع الشيخ ابن عثيمين – فتاوى نور على الدرب – خروج المطلقة رجعياً من بيت زوجها binothaimeen.net .
– فتاوى إسلامية، الموسوعة الشاملة 3/423 www.islamport.com