نظرا لاتساع العمران في العصر الحديث في مكة واتصاله بمنى؛ فهل يؤثر ذلك على فتوى قصر المكي للصلاة في منى عند من يرى أن سبب القصر هو السفر؟
ذهب بعض المحققين من العلماء كابن قدامة([1])، وشيخ الإسلام ابن تيمية([2])، ومن المعاصرين: الشنقيطي وابن عثيمين إلى أن السفر المبيح للقصر لا يحد بزمان ولا مسافة؛ بل كل ما عده العرف سفرا فهو سفر يبيح القصر.
وبناء على ذلك أفتى شيخ الإسلام ابن تيمية بأن المكي يقصر الصلاة في منى؛ لأن من خرج من مكة إلى منى في عصره اعتبر مسافرا لأجل ما كان بين مكة ومنى آنذاك من الجبال والأودية والشعاب، يقول – رحمه الله -: “فإن النبي ﷺ قصر بمكة عام الفتح وفيها الزاد والمزاد، وإذا كانت منى قرية فيها زاد ومزاد، فبينها وبين مكة صحراء يكون مسافرا من يقطعها؛ كما كان بين مكة وغيرها”.
ولما كان مبنى هذا الحكم على العرف في ذلك الزمان، وقد قرر العلماء أن الأحكام التي مدركها العرف تنتقل إلى ما يقتضيه العرف الجديد، ونظرا لتوسع النطاق العمراني لمكة حتى أصبحت منى حيا من أحيائها ولم يعد يطلق على الخارج من مكة إلى منى أنه مسافر؛ فقد ذهب الشيخ محمد بن عثيمين وجملة من الفقهاء والباحثين المعاصرين إلى القول بعدم جواز قصر المكي للصلاة بمنى لانتفاء سبب القصر، وهو السفر في العصر الحاضر.
1. أثر اتساع النطاق العمراني في مكة في فتوى قصر المكي للصلاة بمنى، عبدالله الغطيمل، مجلة البحوث الفقهية المعاصرة، العدد: 49.
2. أحكام المكي في الحج والعمرة، عبدالله بن حسين الباهلي ص(224).
3. أضواء البيان، محمد الأمين الشنقيطي (1/325).
4. الشرح الممتع لابن عثيمين (23/242).