قسم العباداتباب الصلاة

وضع خط في المسجد لتسوية الصف

مسألة رقم 35

صورة المسألة

تعمد بعض المساجد وضع خط في المسجد للمساعدة على تسوية الصفوف، أو يصنع السجاد من الأصل بخطوط.

حكم المسألة

اختلف المعاصرون في حكم وضع الخطوط في المساجد للمساعدة على تسوية الصفوف على اتجاهين:

الاتجاه الأول: جواز ذلك، وبه أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية، والشيخ عبدالرزاق عفيفي، والشيخ ابن عثيمين.

فقد صدر من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء([1]) جواب عن السؤال التالي:

س: ما حكم عمل خط على الحصير أو السجاد بالمسجد، نظرا إلى أن القبلة منحرفة قليلا بقصد انتظام الصف؟

ج: لا بأس بذلك وإن صلوا في مثل ذلك بلا خط فلا بأس؛ لأن الميل اليسير لا يضر.

وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

 

وسئل الشيخ عبد الرزاق عفيفي رحمه الله: عن حكم رسم خطوط المساجد لتستوي الصفوف عليها.

فأجاب: “إذا كان الناس لا تستقيم صفوفهم إلا بذلك فلا بأس، أو كان المسجد قد بني منحرفا عن القبلة ولا تستقيم الصفوف فيه إلا برسم خطوط فلا بأس بذلك إن شاء الله” انتهى([2]).

 

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله([3]): “البدعة هي التعبد لله عز وجل بغير ما شرع. وعلى هذا فالبدع لا تدخل في غير العبادات، بل ما أُحدث من أمور الدنيا ينظر فيه هل هو حلال أم حرام، ولا يقال إنه بدعة. فالبدعة الشرعية هي أن يتعبد الإنسان لله تعالى بغير ما شرع يعني الذي يسمى بدعة شرعاً، وأما البدعة في الدنيا فإنها وإن سميت بدعةً حسب اللغة العربية فإنها ليست بدعةً دينية بمعنى أنه لا يحكم عليها بالتحريم ولا بالتحليل ولا بالوجوب ولا بالاستحباب إلا إذا اقتضت الأدلة الشرعية ذلك. وعلى هذا فما أحدثه الناس اليوم من الأشياء المقربة إلى تحقيق العبادة لا نقول إنها بدعة وإن كانت ليست موجودة، من ذلك مكبّر الصوت. مكبر الصوت ليس موجوداً في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لكنه حدث أخيراً إلا أن فيه مصلحة دينية يبلغ للناس صلاة الإمام وقراءة الإمام والخطبة، وكذلك في اجتماعات المحاضرات فهو من هذه الناحية خير ومصلحة للعباد، فيكون خيراً، ويكون شراؤه للمسجد لهذا الغرض من الأمور المشروعة التي يثاب عليها فاعلها.

ومن ذلك ما حدث أخيراً في مساجدنا من الفرش التي فيها خطوط من أجل إقامة الصفوف وتسويتها فإن هذا وإن كان حادثاً ولكنه وسيلةٌ لأمرٍ مشروع، فيكون جائزاً أو مشروعاً لغيره، ولا يخفى على الناس ما كان الأئمة الحريصون على تسوية الصفوف يعانونه قبل هذه الخطوط، فكانوا يعانون مشاكل إذا تقدم أحد ثم قالوا له تأخر. تأخرَ أكثر ثم قالوا له تقدم. تقدم أكثر يحصل تعب. الآن والحمد لله يقول الإمام: سووا صفوفكم على الخطوط، توسطوا منها، فيحصل انضباطٌ تام في إقامة الصف. هذا بدعة من حيث العمل والإيجاد، لكنه ليس بدعة من حيث الشرع ؛ لأنه وسيلة لأمرٍ مطلوبٍ شرعاً ” انتهى من “فتاوى نور على الدرب”.

هذا وينبغي لمن لم يقنع بهذا الكلام، وأصر على قوله ببدعية الخط في المسجد، أن يبين رأيه للإمام، من باب النصيحة، ثم يمسك عن إثارة الخلاف داخل المسجد، لأن الإمام في حال وضعه للخطوط، يكون قد أخذ بقول معتبر، فلا وجه للإنكار عليه، بل هذا القول هو الصواب كما سبق. والله أعلم.

 

الاتجاه الثاني: يرى منع وضع مثل هذه الخطوط أو تعمد صنع السجاد بخطوط، وهو رأي الشيخ الألباني رحمه الله([4])، وذكر أن ذلك من البدع المحدثة، لأن الدافع إليها كان موجودًا على عهد الصحابة رضي الله عنهم ، (وهو تسوية الصفوف)، ومع ذلك لم يفعلوها، وفيها محاذير، حيث إن المصلي يلصق أصابع رجليه بأصابع رجلي صاحبه بدلًا من إلصاق الكعب بالكعب، وهذا يؤدي إلى عدم إلزاق المنكب بالمنكب، مما ينتج عنه اعوجاج في الصف، ثم إنه لو حدثت ظُلمة في المسجد لَما رأى المصلون الخطوط، ومن محاذيرها أن المصلي إذا قام إلى الركعة التالية فإنه يطأطئ رأسه ليرى الخيط، أمَّا لو اعتمد على إلزاق المنكب بالمنكب، والكعب بالكعب، فإنه لا يحتاج إلى كل هذه الحركات.


([1]) فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (6/315) الفتوى رقم (6391).

([2]) فتاوى ورسائل الشيخ عبد الرزاق عفيفي، ص(412).

([3]) فتاوى نور على الدرب لابن عثيمين، فتوى (7138).

([4]) سلسلة الهدى والنور، شريط (642) فتوى رقم (20).

http://www.alalbany.ws/alalbany/audio/562/562_01.mp3

المراجع

1. شبكة مشكاة الإسلامية: http://www.almeshkat.net/vb/index.php
2. فتاوى الشيخ ابن جبرين فتوى رقم (1917) موقع الشيخ.
3. فتاوى الشيخ ابن عثيمين في نور على الدرب: http://www.ibnothaimeen.com/all/noor.
4. فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (6/315) الفتوى رقم (6391).
5. فتاوى ورسائل الشيخ عبد الرزاق عفيفي، ص(412).
6. فقه القضايا المعاصرة في العبادات، عبدالله أبوزيد، ص (438).

مسائل ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى