قسم العباداتباب الصيام

قطرة العين للصائم

مسألة رقم 115

صورة المسألة

يعاني بعض الناس من مشاكل في العين, وقد توصف لهم أدوية يتم تقطيرها داخل العين, فما حكم استعمال الصائم لهذا النوع من الأدوية أثناء الصوم؟

حكم المسألة

اختلف الفقهاء فيما يوضع في العين كالكحل ونحوه هل يفطر أو لا؟ وخلافهم هذا مبني على أمر آخر, وهو هل تعتبر العين منفذاً كالفم، أو ليس بينها وبين الجوف قناة، ولا تعد منفذاً، وإنما يصل ما يوضع فيها إلى الجوف عن طريق المسام.

فذهب الحنفية، والشافعية إلى أنه لا منفذ بين العين والجوف، أو الدماغ، وبناءً على ذلك فهم لا يرون ما يوضع في العين مفطراً.

وذهب المالكية، والحنابلة إلى أن العين منفذ إلى الحلق كالفم والأنف، فإن اكتحل الصائم ووجد طعمه في حلقه فقد أفطر.

وقد بحث الإمام ابن تيمية رحمه الله خلاف الفقهاء في الكحل، وانتصر لعدم التفطير به، وروي عن النبي ﷺ عدة أحاديث في الكحل للصائم لكن قال أبوعيسى الترمذي رحمه الله: (لا يصح عن النبي ﷺ في هذا الباب شيء)([1]).

والطب الحديث أثبت أن هناك قناة تصل بين العين والأنف، ثم البلعوم.

ولا يوجد للمتقدمين كلام حول قطرة العين نصاً، لكن يظهر جلياً من خلال كلامهم حول قطرة الأذن والكحل في العين أن الضابط عندهم هو كونها منفذاً أو لا، فإذا أردنا معرفة حكم قطرة العين عند الفقهاء المتقدمين فهو على الخلاف السابق في الكحل([2]).

 

أما المعاصرون فقد اختلفوا في قطرة العين كما يلي:

الاتجاه الأول: ذهب أكثر أهل العلم المعاصرين إلى أن قطرة العين لا تفطر، وصدر به قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي، ومن أبرز من قال به: – الشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ محمد العثيمين، ووهبه الزحيلي ود. الصديق الضرير.

واستدلوا بأن جوف العين لا تتسع لأكثر من قطرة واحدة، والقطرة الواحدة حجمها قليل جداً، فإن الملعقة الواحدة الصغيرة تتسع إلى 5سم3 من السوائل، وكل سم3 يمثل خمس عشرة قطرة، فالقطرة الواحدة تمثل جزءاً من خمسة وسبعين جزءاً مما يوجد في الملعقة الصغيرة، وبعبارة أخرى حجم القطرة الواحدة (0.06) من السم3.

وإذا ثبت أن حجم القطرة قليل جدا فإنه يعفى عنه، فهو أقل من القدر المعفو عنه مما يبقى من ملوحة الماء بعد المضمضة، ثم إن هذه القطرة أثناء مرورها في القناة الدمعية تُمْتَصُّ جميعها ولا تصل إلى البلعوم، أما الطعم الذي يشعر به في الفم فليس لأنها تصل إلى البلعوم، بل لأن آلة التذوق الوحيدة هي اللسان، فعندما تمتص هذه القطرة تذهب إلى مناطق التذوق في اللسان، فتصبح طعماً يشعر بها المريض، ثم إن القطرة في العين ليست منصوصاً عليها، ولا بمعنى المنصوص عليه، والعين ليست منفذاً للأكل والشرب ولو لطخ الأنسان قدميه ووجد طعمه في حلقه لم يفطره؛ لأن ذلك ليس منفذاً فكذلك إذا قطر في عينه.

وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق من منظمة التعاون الإسلامي حيث جاء في القرار رقم: 93 (1/10) بشأن المفطرات في مجال التداوي: الأمور الآتية لا تعتبر من المفطرات: وذكر منها: قطرة العين.

 

الاتجاه الثاني: أن قطرة العين تفطر.

واستدل أصحاب هذا القول بالقياس على الكحل إذا وصل إلى الحلق، وعلماء التشريح يثبتون أن الله خلق العين مشتملة على قناة تصلها بالأنف، ثم البلعوم.


([1]) جامع الترمذي (3/105) رقم(726).

([2]) فتح القدير (2/257), التاج والإكليل (3/347), لمجموع (6/315)، الفروع (3/46), مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (25/242).

 

المراجع

1. التبيان والإتحاف في أحكام الصيام والاعتكاف ص(110). فقه الصيام ص(84).
2. مجلة مجمع الفقه الإسلامي الدولي ع10 ج2: 39, 82, 329, 369, 378, 381
3. مجموع فتاوى الشيخ ابن باز (15/260).
4. مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين (19/206).
5. مفطرات الصيام المعاصرة للدكتور أحمد الخليل ص(60-64).

مسائل ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى