قسم العباداتباب الصيام

قطرة الأنف للصائم

مسألة رقم 113

صورة المسألة

في بعض الحالات يصاب الإنسان بمرض يحتم عليه أخذ قطرة عن طريق الأنف، وقد يكون ذلك المرض زكاما مزمنا, أو حساسية في الجيوب الأنفية أو غير ذلك من الأسباب, فما حكم استعمال هذه القطرة للصائم أثناء نهار رمضان؟

حكم المسألة

اختلف الفقهاء المعاصرون في التفطير بالقطرة على ثلاث اتجاهات:

الاتجاه الأول: أن الصائم لا يفطر باستخدام قطرة الأنف مطلقا، وعلل أصحاب هذا القول:

بأن ما يصل إلى المعدة من هذه القطرة قليل جداً، فإن الملعقة الواحدة الصغيرة تتسع إلى 5سم3 من السوائل، وكل سم3 يمثل خمس عشرة قطرة، فالقطرة الواحدة تمثل جزءًا من خمسة وسبعين جزءًا مما يوجد في الملعقة الصغيرة.

وبعبارة أخرى حجم القطرة الواحدة (0.06) من السم3، ويمتص بعضه من باطن غشاء الأنف، وهذا القليل الواصل أقل مما يصل من المتبقي من المضمضة، فيعفى عنه قياساً على المتبقي من المضمضة، ثم إن الدواء في هذه القطرة مع كونه قليلاً فهو لا يغذي، وعلة التفطير هي التقوية والتغذية، وقطرة الأنف ليست أكلاً ولا شرباً، لا في اللغة، ولا في العرف، والله تعالى إنما علق الفطر بالأكل والشرب.

 

الاتجاه الثاني: أن القطرة في الأنف تفطر ومن أبرز من قال به من العلماء المعاصرين: الشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ محمد ابن عثيمين رحمهما الله تعالى.

واستدل أصحاب هذا القول بأن النبي ﷺ قال في حديث لقيط بن صبرة رضي الله عنه : (بالغ بالاستنشاق إلا أن تكون صائماً) [رواه أبو داود (142)، والترمذي (38)]بوأبو داود. فالحديث يدل على أنه لا يجوز للصائم أن يقطر في أنفه ما يصل إلى معدته، ولا شك أن الأنف منفذ إلى الحلق كما هو معلوم بدلالة السنة، والواقع، والطب الحديث.

فمن السنة قوله ﷺ: (وبالغ بالاستنشاق إلا أن تكون صائماً).

فدل هذا الحديث على أن الأنف منفذ إلى الحلق، ثم المعدة، والطب الحديث أثبت ذلك، فإن التشريح لم يدع مجالاً للشك باتصال الأنف بالحلق.

 

الاتجاه الثالث: التفصيل، فإن كانت قطرة الأنف لا يصل منها شيء للحلق بأن كان استخدمها مثلا في طرف الأنف فلا تفطر، أما إذا وصل منها شيء للحلق فإنها تفطر، وقال به بعض العلماءالمعاصرين، وجمعوا بين أدلة أصحاب الاتجاه الأول وأصحاب الاتجاه الثاني فقالوا: إذا وصلت إلى الحلق فإنها تفطر لحديث لقيط بن صبرة وما جاء في معناه ولما علل به أصحاب الاتجاه الأول، وأما إذا لم تصل للحلق فإنها لا تفطر لكونها لا تصل للجوف، ولو وصل منها شيء فهو يسير جدا فهي أشبه بما يبقى في الفم من ملوحة بعد المضمضة وهي معفو عنها بالإجماع.

وبهذا صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق من منظمة التعاون الإسلامي حيث جاء في القرار قرار رقم: 93 (1/10) بشأن المفطرات في مجال التداوي: الأمور الآتية لا تعتبر من المفطرات: وذكر منها: قطرة الأنف إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق.

المراجع

1. فتاوى في أحكام الصيام للشيخ العثيمين, ص(206).
2. قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي ص(108).
3. مجلة مجمع الفقه الإسلامي، ع: 10، (2/81, 329, 369).
4. مجموع فتاوى الشيخ ابن باز (15/261).
5. مفطرات الصيام المعاصرة, للدكتور أحمد الخليل ص(47).

مسائل ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى