قسم الأقليات المسلمةباب الزواج

زواج المصلحة

مسألة رقم 49

العناوين المرادفة

الزواج الصوري.
زواج المسلم بغرض أخذ الإقامة في بلاد غير المسلمين
الزواج الأبيض.
زواج الأوراق.

صورة المسألة

أن يتفق رجل مع امرأة أن يعقد عليها لكي يقدم العقد لجهة حكومية حتى يتحصل من ورائها على منفعة له، وهذا العقد صورة أمام الدولة دون أن يكون هناك نكاح حقيقي في الواقع، والغالب في هذا الزواج أن يتم من أجل الحصول على الإقامة أو الجنسية أو الاستقدام، أو الاستفادة مما يخصص للمتزوجين من إعانات ونحوها، وهذا العقد يكون مسجلاً في الدوائر الرسمية.

حكم المسألة

الزواج الصوري الذي لا تكون فيه النية منعقدة على الزواج الدائم الذي ينشده الشرع الحنيف محرم، لأنَّ النكاح في الشريعة الإسلامية ميثاق غليظ، وقد وصف في القرآن بهذا؛ قال تعالى: (وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَىٰ بَعْضُكُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا) [النساء/21]

وتزداد الحرمة إن كانت المرأة هي المقدمة على الزواج من غير مسلم، لكي تحصل على منفعة ما من العقد.

الدليل:

أن هذا العقد مفرغ من مضمونه، ويتنافى مع مقاصد الزواج التي أقرها الشرع الحنيف، كما أن صورة العقد هذا توجد إشكالا على أرض الواقع؛ حيث يجعل هذا العقد المرأة زوجة وفراشا والرجل زوجا، وتثبت الزوجية بهذا العقد الفاسد ([1])

 

وقد أجمع أهل العلم على حرمة هذا الزواج، وجاءت قرارات المجامع الفقهية بتحريمه أيضاً، حيث نص البيان الختامي للمؤتمر الثاني لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا([2]):

الزواج الصوري هو الذي لا يقصد به أطرافه حقيقة الزواج الشرعي، فلا يتقيد بأركان ولا شروط، وإنما يتخذ مطية لتحقيق بعض المصالح فحسب، وهو على هذا النحو محرم شرعاً لعدم توجه الإرادة إليه، ولخروجه بهذا العقد عن مقاصده الشرعية، ولما يتضمنه من الشروط المنافية لمقصوده، وأما حكمه ظاهراً فإنه يتوقف على مدى ثبوت الصورية أمام القضاء، فإن ثبتت قضي ببطلانه، وإذا لم تثبت فإنه يحكم بصحته قضاء متى تحققت أركان الزواج وانتفت موانعه. أهـ

 

وفتوى المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث بتاريخ: 10-3-2009م. حرمت هذا الزواج، ففي سؤال أجاب عليه المجلس الأوربي نصه:

الصورة الأولى: وهي تأقيت النكاح بحصول الزوج على الإقامة والجنسية

حرام يأثمان عليه، وذلك بسبب منافاة هذا العقد لمقصد الشريعة في الزواج؛ إذ هو عقد صوري مقصود به أمر آخر غير الزواج، فهو لو استوفى شروط العقد فإنه لا يحل لهذا المعنى، وكذلك لأجل أن قانون البلاد لا يسمح به، يتأكد المنع بمجيء هذه الصورة مخالفة لقانون البلد، والقانون هنا متفق مع المقصد الشرعي. كما أن هذه الصورة لا تخلو من شَبَهٍ بنكاح المتعة الذي حرمه النبي ﷺ – [كما في حديث سبرة بن معبد، أنه كان مع رسول اللَّه ﷺ فقال: “يا أيها الناس، إني قد كنت أذنتُ لكم في الاستمتاع من النساء، وإن اللَّه قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فليخلِّ سبيله، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً” أخرجه مسلم (ح: 1406)] – من جهة التوقيت الذي فيه إلى فترة الحصول على الإقامة ثم يفسخ العقد بعد ذلك كما عبر السائل.

 

والصورة الثانية: مثل الأولى في التحريم، وفيها قضية مقطوع بحرمتها وهي زواج المسلمة من غير مسلم، فإن مجرد العقد فاسد سواء للغاية المذكورة في السؤال أو لمجرد الزواج.

وأما الصورة الثالثة: وهي النكاح بنية الطلاق متى حصل على الإقامة دون تصريح بنيته فالعقد وإن كانت صورته صحيحة، ولكن الزوج آثم بغشه المرأة؛ وذلك لإضماره نية الطلاق من حين العقد، والزواج في الإسلام يعني الديمومة والبقاء والاستقرار للحياة الزوجية، والطلاق طارئ بعد العقد، ولهذا السبب حرم الزواج المؤقت واعتبر فاسداً. كذلك فإن الإيجاب والقبول في الزواج شرطان أساسيان فيه، والمرأة حين قبلته زوجاً فإنما كان مقصدها حقيقة الزواج، ولو علمت أنه قبلها زوجة مؤقتة يطلقها متى شاء لرفضت ذلك، فإذا كان عازماً الطلاق عند العقد أثر ذلك في صحة العقد، لأن المرأة بَنَتْ قبولها على غير ما أراد. والأحاديث في الباب عديدة عن جماعة من الصحابة عن النبي ﷺ ([3]).

 

وفتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء جاءت بحرمة هذا الزواج([4]).

جاء في فتاواها: “عقد النكاح من العقود التي أكد الله عظم شأنها، وسماه ( وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا) [النساء 21]، فلا يجوز إبرام عقد النكاح على غير الحقيقة من أجل الحصول على الإقامة”.

وسئلوا عن حكم عقد الزواج الصوري للحصول على الجنسية.

فكان الجواب: “لا يجوز هذا العقد، لأنه كذب وخداع”([5]).

وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز عنه فقال: “ليس هذا من مقصود النكاح في الشريعة الإسلامية، أن يتزوج بغرض الحصول على الإقامة، ثم يطلق، والذي يظهر لي عدم الجواز”.


([1]) (أحكام الأحوال الشخصية للمسلمين في الغرب ص408 ـ 409 ) .

([2]) المنعقد بكوبنهاجن- الدانمارك مع الرابطة الإسلامية، في الفترة من 4-7 من شهر جمادى الأولى لعام 1425هـ الموافق 22-25 من يونيو لعا2004م.

([3]) انظر فتوى المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث بتاريخ: 10-3-2009م..

([4]) فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (18/ 98) رقم(12087)..

([5]) فتاوى اللجنة الدائمة (18: 448) .

المراجع

• موقع الشيخ بن باز رحمه الله.
• فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء.
• موقع فضيلة الشيخ عبد العزيز الراجحي.
• موقع يسألونك لفضيلة الشيخ حسام الدين عفانة.
• مجمع فقهاء أمريكا الشمالية.
• المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء.
• أحكام الأحوال الشخصية للمسلمين في الغرب (رسالة دكتوراه).

مسائل ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى