قسم العباداتباب الزكاة

زكاة الصناديق الاستثمارية

مسألة رقم 69

صورة المسألة

حدثت في العصر الحاضر عدة أساليب لتنمية الأموال, لم تكن معهودة في العصور الماضية, ومن ضمن تلك الأساليب ما يسمى بالصناديق الاستثمارية, وهي: وعاء مالي, تكونه مؤسسة مالية متخصصة, وذات دراية وخبرة في مجال إدارة الاستثمارات, وذلك بقصد تجميع مدخرات الأفراد, ومن ثم توجيهها للاستثمار في مجالات مختلفة, تحقق للمستثمرين فيها عائدا مجزيا, وضمن مستويات معقولة من المخاطرة, عن طريق الاستفادة من مزايا التنويع.
وتتسم الصناديق الاستثمارية بجمع مبالغ مختلفة المصدر؛ لاستثمارها في مجالات متنوعة؛ ولذا أطلق عليها: (صناديق) إشارة إلى معنى التجميع, والاستقلالية عن غيرها, كما تتسم بأن الأصول المكونة لها مملوكة بشكل جماعي للمستثمرين، فلكل منهم حصة مشاعة من صافي تلك الأصول, كما هو الشأن في أسهم الشركات؛ لذا فإنه يتم تقسيم الصندوق الاستثماري من حين الاكتتاب إلى وحدات متساوية القيمة, تسمى: (وحدات استثمارية), ومجموعها يكون الأصول الصافية للصندوق.
فما حكم زكاة هذه الأموال؟

حكم المسألة

إن العلاقة بين المالك للمال (المكتتب), وبين إدارة صندوق الاستثمار,لا يخلو تكييفها الفقهي من أحد حالين:

الأول: اعتبارها عقد مضاربة, حيث إن عقد المضاربة يجمع بين طرفين: صاحب المال, وصاحب العمل, ويشتركان في الربح حسب الاتفاق المقرر بينهما, وهذه هي حقيقة العلاقة بين المكتتب, وإدارة صندوق الاستثمار.

و لا يؤثر على هذا التكييف مساهمة الجهة المصدرة للصندوق بجزء من رأس المال؛ لاتفاق الفقهاء على جواز هذه الصورة إذا كانت بإذن صاحب المال, أو تفويضه, وإنما الخلاف فيما إذا لم يأذن صاحب المال بذلك.

و هذا الإذن يتحقق عن طريق العقد المبرم بين الطرفين المتضمن لشروط الاستثمار؛ إذ من ضمنها مساهمة الجهة المصدرة بجزء من رأس مال الصندوق.

 

الثاني: اعتبار العلاقة بين طرفي هذا العقد وكالة بأجر من المستثمر للجهة المديرة للصندوق, إذا كان عمل المدير بمبلغ مقطوع مستحق في جميع الأحوال, أو نسبة محددة من أصل المال المودع, مقابل إدارته, سواء ربح المال, أو خسر, وهذه هي الصورة الثانية في إدارة الصناديق الاستثمارية, ويترتب عليها مراعاة شروط الوكالة.

 

وعلى هذا التكييف, فالصناديق الاستثمارية تكون استثماراتها في النشاط التجاري, بتقليب المال بيعا, وشراء, وحينئذ فلا يخلو ذلك من حالين أيضا:

الأول: أن تكون حقيقة العلاقة بين المتعاقدين هي المضاربة, فهناك يكون حكم زكاة تلك الصناديق حكم زكاة مال المضاربة, وقد اتفق الفقهاء على وجوب زكاة مالك المال لماله في المضاربة, أصلا وربحا, ولكنهم اختلفوا في زكاة ربح العامل في مال المضاربة على أقوال:

القول الأول: وجوب زكاته على العامل, وذلك عند المقاسمة, وهو قول الحنفية والمالكية, والمذهب عند الشافعية.

القول الثاني: وجوب زكاة ربح العامل على رب المال, وذلك عند ظهور الربح, وهو قول عند الشافعية.

القول الثالث: عدم وجوب زكاته, وهو قول عند الشافعية ومذهب الحنابلة.

و المرجح عند كثير من المحققين عدم إيجاب الزكاة على العامل, إلا بعد استحقاقه لنصيبه, ويكون ذلك بعد القسمة, وحولان حول عليه, إن كان نصابا؛ وذلك لعدم استقرار ملكه قبل القسمة, ولم تجب الزكاة عند القسمة؛ لعدم حولان الحول من حين استقرار الملك, فتعين ابتداء حول من حين قسمة نصيبه من الربح, سواء قبضه, أو لم يقبضه.

و بناء على هذا, فإن الصناديق الاستثمارية, تجب الزكاة فيها بالنسبة لرب المال بعد حولان حول زكاته على نصابه, فيحتسب ماله, وأرباحه, وتخرج زكاته,و أما زكاة الجهة الاستثمارية للصندوق, فيكون باحتساب حول على استحقاقها للربح.

 

الثاني: أن تكون حقيقة العلاقة بينهما, هي الوكالة بأجر, فتكون زكاة الصندوق الاستثماري بالنسبة لرب المال هي زكاة عروض التجارة, فيحتسب رأس ماله, وربحه, ويزكيه بإخراج ربع عشره.

المراجع

1. الخدمات الاستثمارية في المصارف وأحكامها في الفقه الإسلامي، يوسف الشبيلي (1/84, 292).
2. الصناديق الاستثمارية لحسن دائلة.
3. مجلة مجمع الفقه الإسلامي العدد: 9, (2/120).
4. نوازل الزكاة، عبدالله الغفيلي ص(225-231).

مسائل ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى