قسم العباداتباب الزكاة

زكاة الحيوانات المتخذة للاتجار بنتاجها كالألبان ونحوها

مسألة رقم 95

صورة المسألة

تنوعت التجارات وكثرت في هذا العصر بشكل جلي جدا ومن أنواع التجارات التي شهدت نماء ملحوظا وكثر عليها الطلب وارتفعت أرباحها تجارة المنتجات الحيوانية كالألبان والبيض ونحوها, وكانت المسائل المتعلقة بزكاة هذا النوع من المنتجات الحيوانية نادرة الوقوع عند الفقهاء القدامى ولذلك لم يكثر الكلام فيها عندهم مما يستدعي معرفة الأحكام الشرعية المتعلقة بهذه المسألة ومن أهمها زكاة هذه الحيوانات المتخذة للاتجار بنتاجها، فما حكم زكاة هذا النوع من الحيوانات؟

حكم المسألة

المنتجات الحيوانية على قسمين بحسب الحيوانات المنتجة لها:

القسم الأول: أن تكون تلك الحيوانات مما تجب الزكاة في عينه كسائمة بهيمة الأنعام من إبل أو بقر أو غنم.

القسم الثاني: أن تكون تلك الحيوانات المنتجة مما لا تجب الزكاة في عينه كالغزلان والطيور والوحوش ونحوها.

وكلا القسمين قد اختلف الفقهاء المعاصرون الذين تكلموا في المسألة في حكم زكاتها مع إنتاجها..

 

أما القسم الأول وهو أن تكون تلك الحيوانات مما تجب الزكاة في عينه كسائمة بهيمة الأنعام من إبل أو بقر أو غنم فقد اختلف العلماء في حكم الزكاة فيها وفي منتجاتها على ثلاثة أقوال:

القول الأول: وجوب تزكية السوائم مع إنتاجها زكاة عروض التجارة، ونسب هذا القول إلى الجلال المحلي أخذا من قوله في شرحه لمنهاج الطالبين بعد ذكره للرأي الجديد والقديم للشافعي القائل بتزكية الحيوانات زكاة التجارة: “تقوم مع درها ونسلها وصوفها وما اتخذ من لبنها بناء على أن النتاج مال تجارة”.

ومن أبرز من قال به من المعاصرين: الدكتور أحمد الكردي والدكتور محمد رأفت عثمان.

 

القول الثاني: تزكى الحيوانات المنتجة زكاة السائمة وتزكى غلتها زكاة التجارة ومن أبرز من قال بذلك الدكتور محمد بن عبد الغفار الشريف.

واستدل أصحاب هذا القول بأن الحيوانات المنتجة مما تجب الزكاة في عينه لكونها سائمة أنعام أما نتاجها كالألبان ونحوها فهي مال آخر تجب فيه زكاة التجارة فهما مالان تجب في كل منهما زكاة تختلف عن الأخرى لاختلاف سببها، ففي سائمة الأنعام تجب الزكاة بسبب السوم وفي الغلة أو النتاج تجب الزكاة بسبب الاتجار به.

 

القول الثالث: تزكى الغلة زكاة النقود ويكون ذلك عند استفادته أو بعد حولان حول على ذلك، ومن أبرز من قال بذلك الدكتور الخضر علي إدريس وعليه العمل في ديوان الزكاة بالسودان، ومال إليه الشيخ عبد الله بن منيع مع جعل زكاة الغلة بعد حولان الحول.

واستدل أصحاب هذا القول بأن هذه الحيوانات مستغلات تجب الزكاة في غلتها؛ لأن الغلة مال نام قائم تجب تزكيته وليس هو عرض تجارة ولا زرعا وهو آيل لأثمان يقبضها صاحبها فتجب تزكيتها زكاة النقود.

 

وأما القسم الثاني: وهو أن تكون تلك الحيوانات المنتجة مما لا تجب الزكاة في عينه كالغزلان والطيور والوحوش ونحوها فللعلماء فيه ثلاثة أقوال:

القول الأول: وجوب تزكية الحيوانات مع غلتها زكاة التجارة ومن أبرز من قال بذلك الدكتور أحمد الكردي والدكتور محمد رأفت عثمان، ويمكن تخريج هذا على قول عند المالكية ورواية الحنابلة في إيجاب زكاة حلي الكراء، فقد خرج ابن عقيل على هذه الرواية وجوب تزكية العقار المعد للكراء وكل سلعة تؤجر وتعد للإجارة.

ودليلهم هو دليلهم في القسم الأول، فإنهم يعممون قولهم سواء كانت الحيوانات مما وجبت الزكاة في عينه أم لا.

 

القول الثاني: وجوب تزكية الغلة زكاة النقود عند استفادتها أو حسب ما يراه الإمام، ومن أبرز من قال به الدكتور الخضر إدريس، ومال الشيخ عبد الله بن منيع إلى ذلك ولكن بعد حولان الحول على استفادة الغلة.

ودليلهم نفس دليلهم في القسم الأول.

 

القول الثالث: وجوب تزكية غلة الحيوانات كالألبان والبيض ونحوها زكاة العسل، وبه قال بعض المعاصرين.

ودليله قياس ألبان البقر ونحوها على عسل النحل بجامع أن كلا منهما خارج من حيوان لا تجب الزكاة في أصله، ولما كان مقدار الزكاة في المقيس عليه هو العشر ثبت أن ذلك هو مقدار الزكاة في المقيس وهو العشر من صافي إيراد منتجات الحيوانات من الألبان والبيض ونحوها.

المراجع

1. أبحاث وأعمال الندوة الثانية عشرة لقضايا الزكاة المعاصرة, زكاة الأنعام لمحمد رأفت عثمان, ص(286, 287), تعقيب لمنذر قحف ص(309, 298), تعقيب لمحمد الشريف ص(315).
2. نوازل الزكاة للغفيلي ص(115-122).

مسائل ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى