قسم الجنايات والقضاء والعلاقات الدوليةباب الجنايات

دفع الديات عن طريق التأمين

مسألة رقم 262

العناوين المرادفة

. إجزاء مبلغ التأمين عن الدية.
2. تعويض الدية عن طريق التأمين.
3. دفع التعويضات عن طريق التأمين.
4. دية القتل الخطأ في حوادث السيارات

صورة المسألة

إذا كان الجاني قد أمّن لدى شركات التأمين بما يلزمها تحمل الدية عند وقوع الكوارث، هل يجوز أن تدفعها له إذا حصل منه إتلاف نفس بسبب حوادث السير أو غيرها مما يندرج تحت الخطأ؟
وبعبارة أخرى: هل تبرأ ذمة الجاني من الدية بسدادها عن طريق شركات التأمين؟

حكم المسألة

لا إشكال أن شركات التأمين إذا كانت تعاونية يجوز أن تدفع الدية عن الجاني إذا تعذرت من العاقلة، وبهذا صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي، وأفتى به دار الإفتاء المصرية، ودائرة الإفتاء العام الأردنية، ودار الإفتاء الليبية، وأفتى به كثير من المعاصرين، ولكن اشترطوا أن يكمل الجاني الفارق إذا نقص التعويض عن مقدار الدية؛ وذلك لما يلي:

  1. أن التأمين التعاوني قائم على أساس التضامن في ترميم الخطر، والتعاون على البر والتقوى، فإذا تعذرت الدية عن طريق العاقلة، أو رضي الجاني بالشراكة في التأمين سبيلا للعقل جاز سدادها من التأمين التعاوني.
  2. ولأن لزومها على العاقلة – عند من يقول به – من باب المواساة؛ وذلك لا يمنع من البراءة إذا دفعت من التأمين التعاوني، كالدين تبرأ ذمة المدين منه ولو كان الوفاء من غيره.

وأما إذا كانت شركات التأمين تجارية، فقد اختلفوا في جواز دفع الدية عن طريقها إلى اتجاهات:

الاتجاه الأول: يجوز دفع الدية عن طريق شركات التأمين التجارية، وهو قول من يرى جواز التأمين التجاري، وبه صدر فتوى دار الإفتاء المصرية، وقال به مصطفى الزرقاء، وعبدالله بن زيد آل محمود.

ويستند هذا الاتجاه إلى جملة من الأدلة، أبرزها ما يلي:

  1. أن التأمين التجاري يقوم على أساس التعاون في ترميم الخطر عند الكوارث؛ وبالتالي فهو من عقود التبرعات التي يغتفر فيها الغرر؛ لكونه لا يفضي إلى النزاع، ومن ثم يجوز تعويض الدية عبر شركات التأمين التجاري.

نوقش: أن عقود شركات التأمين التجاري لا تعد من عقود التبرعات؛ لأنها قائمة على أساس الاستثمار لأجل الربح، وبالتالي فهي من عقود المعاوضات التي يؤثر فيها الربا والغرر والقمار نظرا إلى نسبية وقوع الخطر.

  1. أن التأمين التجاري أصبح ضرورة في الوقت الراهن نظرا إلى ضعف أواصر القرابة بين أفراد العاقلة، وإلزام الدول لرعاياها بالتأمين، والقاعدة الشرعية: “أن الضرورات تبيح المحظورات”

ونوقش: أن مفهوم الضرورة لا يتحقق؛ لإمكان تغطية الديات من التأمين التعاوني.

  1. أن شركات التأمين التجاري تساهم في تخفيف الآثار الناجمة عن حوادث القتل الخطأ بتحمل الدية عن الجاني، وصيانة دماء ضحايا الخطأ من الهدر، وهذه المصالح لها شواهد في الاعتبار فتكون معتبرة.

ونوقش: أن اعتبار المصلحة بناء على هذه الشواهد لتقرير جواز التأمين التجاري لا يستقيم؛ بناء على وجود ما يقتضى التحريم من جهة اقترانه بالغرر والقمار والربا.

 

الاتجاه الثاني: لا يجوز دفع الدية عن طريق التأمين التجاري، وهو قول جمهور من يرى تحريم التأمين التجاري، واستثنى بعضهم حال الضرورة.

وعللوا ذلك: أن شركات التأمين التجاري قائمة على أساس استغلال المشتركين، وبالتالي فالعقد الواقع بينها وبين أفراد المشتركين من عقود المعاوضات التي يؤثر فيها الغرر والربا والقمار… والتأمين التجاري يشتمل على هذه المعاني المقتضية للتحريم فيكون محرما.

وبيان ذلك: أن وقوع الحوادث أمر نسبي؛ فترتب على ذلك الغررُ الفاحش من جهة جهالة العاقبة، والربا إذا كان التعويض أكثر من الأقساط المدفوعة، والقمارُ من حيث يدخل في العقد وهو إما خاسر أو غانم. وإذا ما ثبت تحريم التأمين التجاري لهذه المعاني العائدة إلى الذات كان العقد فاسدا لا يترتب عليه آثاره في صحة تحمل الدية وإبراء الجاني.

ونوقش: أن هذه الأدلة قائمة على أساس تكييف التأمين التجاري: أنه من عقود المعاوضات، والواقع أنه من عقود التبرعات التي لا يراعي فيها هذه المعاني؛ لأنه من قبيل التعاون في التخفيف عن الجاني بتحمل الدية في حوادث القتل الخطأ.

 

الاتجاه الثالث: أن التأمين التجاري إذا كان إجباريا يجوز دفع الدية عن طريقه؛ لأن المؤمن لا اختيار له في التأمين في هذه الحالة، كما أن جوازه مختلف فيه، وحكم الحاكم يرفع الخلاف، وهذا ما أفتى به خالد المصلح.

 

الاتجاه الرابع: أن التأمين التجاري إما أن يكون إجباريا فيكون في حكم الضرائب التي تفرضها الدول على رعاياها، فتنتفي فيه مسؤولية المؤمن، وإما أن يكون اختياريا فلا يخلو من إحدى حالتين:

الأولى: أن يبلغ ما دفعه من الأقساط قيمة الدية، فحينئذ يجوز دفع الدية للمستحقين عن طريق التأمين؛ لأنه حينئذ يكون قد استرد ما دفعه من الأقساط.

الثانية: أن تكون الأقساط التي دفعها دون قيمة الدية، فيجوز له أخذ ما دفعه من الأقساط، وتكملة الباقي من ماله الخاص، وهذا ما أفتى به الألباني وجماعة من المعاصرين.

وهذا التفصيل يستند إلى أن المؤمن يأخذ من شركات التأمين التجاري مقدار ما دفعه من الأقساط خروجا من شبهة الحرام، وفي الحديث: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) [أخرجه الترمذي برقم: (2518) 4/249، والنسائي في السنن الكبرى برقم: (5201) 5/117] .

 

ملحق المسألة: قرار مجمع الفقه الدولي بشأن العاقلة وتطبيقاتها المعاصرة في تحمل الدية.

قرار رقم 145.(3/16)

بشأن العاقلة وتطبيقاتها المعاصرة في تحمل الدية.

إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في دورته السادسة عشرة بدبي (دولة الإمارات العربية المتحدة) 30 صفر – 5 ربيع الأول 1426هـ، الموافق 9 – 14 نيسان ( إبريل ) 2005م.

بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع العاقلة وتطبيقاتها المعاصرة في تحمل الدية، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله، قرر ما يلي:

أولاً: تعريف العاقلة:

هي الجهة التي تتحمل دفع الدية عن الجاني في غير القتل العمد دون أن يكون لها حق الرجوع على الجاني بما أدته. وهي العصبة في أصل تشريعها، وأهل ديوانه الذين بينهم النصرة والتضامن.

ثانياً: ما لا تتحمله العاقلة:

العاقلة لا تتحمل ما وجب من الديات عمداً ولا صلحـاً ولا اعترافـاً.

ثالثاً: التطبيقات المعاصرة:

عند عدم وجود العشيرة أو العصبة التي تتحمل الديـة، فإنه يجوز أن ينوب عنها عند الحاجة، بناء على أن الأساس للعاقلة هو التناصر والتضامن، ما يلي: –

أ‌ التأمين الإسلامي (التعاوني أو التكافلي) الذي ينص نظامه على تحمل الديات بين المستأمنين.

المراجع

1. دفع الدية من قبل شركات التأمين المعاصرة – دراسة مقارنة، محمد خير إبراهيم درادكة، ماجستير في كلية الدراسات العليا بجامعة اليرموك، الأردن، عام: 2005 م.
2. فتوى الألباني على اليوتيوب:
(https://www.youtube.com/watch?v=d4zRiAQKmTA).
3. مجلة البحوث الإسلامية، العدد: العشرون.
(http://www.alifta.net/Fatawa)
4. مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد الثامن (الشاملة).
5. موقع إسلام ويب، (http://fatwa.islamweb.net) فتوى رقم: (29709)
6. موقع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء، أبحاث هيئة كبار العلماء، المجلد 4 سنة: 1421 هـ.
7. موقع طريق الإسلام: (https://ar.islamway.net) فتوى رقم: (38167).
8. موقع مجمع الفقه الإسلامي الدولي:
(http://www.iifa-aifi.org/2176.html)

مسائل ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى