قسم الجنايات والقضاء والعلاقات الدوليةباب الجنايات

دخول المريض النفسي ومتعاطي المخدرات في العاقلة

مسألة رقم 251

العناوين المرادفة

1. مفهوم العاقلة في الإسلام.
2. دخول المضطرب عقليا في العاقلة.

صورة المسألة

إذا كان المسلم يعاني من مرض نفسي أو يتعاطى المخدرات، هل يدخل في العاقلة إذا وجدت الرابطة النسبية بينه وبين الجاني، أو الاشتراك في المهنة، أو عقد الموالاة عند من يتوسع في مفهوم العاقلة؟

وبعبارة أخرى: هل الأمور المؤثرة في الإدراك تؤثر في قضية العقل في القتل الخطأ؟

بالنسبة للمريض النفسي، فقد سبق بيان مفهوم المرض النفسي وآثاره وأنواعه وحكم جنايته بالنظر إلى مدى تأثيره في التكليف في مسألة: “جناية المريض النفسي“([1]) .

أما المخدرات فهي: “مواد مصنوعة من مادة نباتية تضم في مكوناتها عناصر مخدرة ومسكنة تؤدي إلى إصابة الجسم بالخمول والفتور، وتؤثر بالدرجة الأولى وبشكل مباشر على الجهاز العصبي، وبالتالي على وظائف الدماغ”([2])

وقد أثبتت دراسات كثيرة أن المخدرات تؤثر في تدمير خلايا العقل البشري بما ينعكس أثره في انخفاض مستوى الوعي، ويسبب اضطرابات في التفكير والإدراك الحسي؛ فينتج عن ذلك الهلاوس السمعية والبصرية، وهي: خيالات سمعية، وصور وهمية يتصورها مدمن المخدرات، ولا وجود لها في حيز الواقع، وتسبب له الفزع والهلع والصراخ والقفز…وتصرفات من هذا الجنس، كما تؤدي إلى اضطراب الذاكرة بحيث يفقد القدرة على حفظ وتسجيل الذكريات.

وبهذا يتبين تأثير كل من المخدرات والمرض النفسي على جهاز الإدراك في الإنسان إذا وصل كلاهما إلى مراحل متقدمة؛ فيظهر أثر ذلك على متعاطي المخدرات والمريض النفسي على مستوى السلوك العام.

([1]) راجع المسألة في ص:208-(201).

([2]) موقع موضوع (mawdoo3.com) المرض النفسي.

حكم المسألة

أولا: بيان مفهوم العاقلة

ذهب الحنفية والمالكية: إلى أن العاقلة هم أهل ديوان الجاني إذا كان له أهل ديوان، وإلا فعصبته الذكور تمسكا بالأثر الوارد عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – أنه ” كتب أن إذا كان في ديوان قوم عقلوا عنه فميراثه لهم” [أخرجه عبدالرزاق في مصنفه برقم: (16176) 9/12].

وذهب الشافعية والحنابلة: أن العاقلة هم عصبته خاصة؛ وذلك لحديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: اقتتلت امرأتان من هذيل، فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها، فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، (فقضى أن دية جنينها غرة، عبد أو وليدة، وقضى أن دية المرأة على عاقلتها) [أخرجه البخاري برقم: (6910) 6/11، ومسلم برقم: (1681) 3/1309].

 

ثانيا: اتفق الفقهاء على أن النساء والصبيان والمجانين لا يدخلون في العاقلة؛ لأن مبناها على النصرة والتضامن، وهؤلاء لا يتناصر الناس بهم عادة، فلا يدخلون في العاقلة.

ومقتضاه: أن المريض النفسي ومتعاطي المخدرات إذا وصل بهما الحال إلى فقدان الإدراك يكونان في معنى المجنون، ويسقط عنهما التزامات الدية في الجنايات الواقعة من أفراد القبيلة بسبب الخطأ، والخطاب في حقهما من قبيل التكليف، ولا تكليف مع فقد الإدراك.

وأما إذا كان حالهما دون ذلك؛ بأن كان المريض النفسي ومتعاطي المخدرات لم يصلا إلى مرحلة فقد الإدراك والوعي، فإنهما في هذه الحالة مثل سائر المكلفين في باب العاقلة.

المراجع

1. أحكام المريض النفسي في الفقه الإسلامي، للدكتورة خلود بنت عبدالرحمن المهيزع، رسالة دكتوراه بقسم الفقه، كلية الشريعة، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، عام 1431 / 1432 هـ.
2. الاختيار لتعليل المختار عبدالله بن محمود الموصلي (ت 683هـ ).
3. الإقناع لأبي الحسن علي بن محمد الماوردي (ت 450 هـ).
4. البيان والتحصيل لأبي الوليد محمد بن أحمد بن رشد القرطبي (ت 520 هـ).
5. الحاوي لأبي الحسن علي بن محمد الماوردي (ت 450 هـ).
6. شرح الزركشي لمحمد بن عبدالله الزركشي (ت 772 هـ).
7. العناية شرح الهداية لأبي عبدالله محمد بن محمد البابرتي (ت 786 هـ).
8. عيون المسائل للقاضي عبدالوهاب بن علي البغدادي (ت 422 هـ).
9. المخدرات وأحكامها في الشريعة الإسلامية، د. محمد النجيمي، مركز الدراسات والبحوث، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية.
10. المغني لأبي محمد موفق الدين عبدالله بن أحمد بن قدامة المقدسي الحنبلي (ت 620 هـ).
11. موقع: (mawdoo3.om) بعنوان: المرض النفسي.

مسائل ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى