قسم الأسرةباب الطلاق

حق طلب الفرقة بسبب مرض نقص المناعة (الإيدز) ونحوه

المسألة رقم 123

العناوين المرادفة

• أثر الإيدز على الزوجية.
• نقص المناعة المكتسبة وأثره في فسخ النكاح.

صورة المسألة

الإيدز مرض خطير يصيب جهاز المناعة في جسم الإنسان، وهو مرض معد ينتقل بالمعاشرة والاتصال الجنسي، فإذا تم عقد النكاح تم علم أحد الزوجين بأن الآخر مصاب بمرض الإيدز، فهل يكون له حق الفسخ بهذا العيب؟ وهل إصابة أحدهما بهذا المرض بعد النكاح تبيح الفسخ؟

حكم المسألة

إذا علم أحد الزوجين بإصابة الآخر بالإيدز قبل العقد، أو بعده ورضي به، سقط خياره في الفسخ باتفاق الفقهاء، فقد ذكروا أن الرضى مسقط للفسخ([1]).

وأما إذا لم يعلم إلا بعد العقد ولم يرض فهل له الفسخ؟

اختلف الفقهاء – رحمهم الله – في عيوب النكاح المبيحة للفسخ على أقوال أبرزها:

القول الأول: يباح فسخ النكاح لعيوب محددة فقط، ولا يتعدى الحكم لغيرها، وهذا مذهب جمهور الفقهاء – على خلاف بينهم في عددها –، والإباحة في حق الزوجين عند الجمهور، وخاصة بالمرأة عند الحنفية([2]).

القول الثاني: يصح فسخ النكاح لكل ما يفوت مقصود النكاح وهو الاستمتاع والتناسل والمودة والرحمة، وهذا قول محمد بن الحسن من الحنفية([3])، وهو قول عند الشافعية([4])، واختيار شيخ الإسلام وابن القيم – رحمهم الله –([5]).

 

والذي عليه الفقهاء المعاصرون أن الإيدز مرض يبيح فسخ النكاح، صدر بذلك قرار مجمع الفقه الإسلامي وهو المفتى به في عدد من المواقع الإسلامية وهو اختيار كثير من الباحثين. الأدلة على ذلك:

1- أن مرض الإيدز شارك العيوب المبيحة للفسخ في العلة فهو:

1) يحول دون الاستمتاع ويمنعه، إذ المرض ينتقل بالمعاشرة.

2) يسبب النفرة ويتأذى به الآخر.

3) يتضرر به المعاشر فقد ينتقل للزوجة والذرية.

والحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً.

 

2- أن القول بلزوم عقد النكاح مع إصابة أحد الزوجين بهذا المرض فيه ظلم للطرف السليم وإضرار به، والضرر والظلم محرمان في الشرع، فيجب تمكين الطرف السليم من إزالتهما.

 

3- أن الله تعالى أمر بالإمساك بالمعروف أو التسريح بإحسان، وإمساك الزوجة مع تضررها ليس من الإمساك بالمعروف، فلزم التسريح بإحسان.

وشرط رد أحد الزوجين الآخر بعيب فيه: حصول ذلك العيب حال العقد أو قبله.

وأما العيب الحادث بعد العقد فإنه مصيبة نزلت بالزوج الآخر، إلا أن من الفقهاء من استثنى الزوجة خاصة؛ إذ للزوج أن يطلق ببعض الأمراض الحاصلة بعد العقد كالجذام البين والبرص الحادثين بعده.

وإباحة الفسخ بالإيدز أولى لأنه أضر منهما.

 

الملاحق:

مجمع الفقه الإسلامي:

جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي المنبثق من منظمة المؤتمر الإسلامي بجدة ذي الرقم 90 (9/7) في الفقرة (خامساً) منه ما نصه: “حق السليم من الزوجين في طلب الفرقة من الزوج المصاب بعدوى مرض نقص المناعة المكتسبة الإيدز: للزوجة طلب الفرقة من الزوج تنتقل عدواه بصورة رئيسية بالاتصال الجنسي”.


([1]) ينظر: المبسوط 5/98، الفتاوى الهندية 1/525، مواهب الجليل 3/483، روضة الطالبين 7/178، المغني 10/61، شرح منتهى الإرادات 2/678.

([2]) ينظر: المبسوط 3/97، بدائع الصنائع 2/327، المعونة 2/770، الذخيرة 4/419، نهاية المطلب 12/408، العزيز شرح الوجيز 8/133 – 135، الإنصاف 8/195 – 199، حاشية ابن قاسم 6/329 – 341.

([3]) ينظر: بدائع الصنائع 2/327.

([4]) ينظر: نهاية المطلب 12/408.

([5]) ينظر: الاختيارات الفقهية ص222، زاد المعاد 5/183.

المراجع

– أثر الأمراض المزمنة على الحياة الزوجية في الفقه الإسلامي، عائشة محمد صدقي موسى، ماجستير في الفقه والتشريع بكلية الدراسات العليا، جامعة النجاح الوطنية، نابلس – فلسطين، 2014م، 130 – 147.
– أثر الأمراض المعدية في الفرقة بين الزوجين، أ.د عبدالله الطيار m.islam.com
– أحكام الأمراض المعدية في الفقه الإسلامي، عبدالإله بن سعود السيف، ماجستير، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
– أحكام أمراض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) في الفقه الإسلامي، حنان محمد فوزي إسماعيل، ماجستير في الفقه والتشريع بكلية الدراسات العليا، جامعة النجاح الوطنية، نابلس – فلسطين، 1422هـ/2001م.
– العيوب المبيحة لفسخ عقد النكاح (2 – 2)، فضل ربي ممتاز زادة، الملتقى الفقهي.
– موقع رسالة الإسلام. figh.islammessage.com
– موقع إسلام ويب، مركز الفتوى (42739) (59199) fatwa.islamweb.net
– التفريق بين الزوجين للمرض المعدي في الفقه الإسلامي، د. فهد الرشيدي، مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية، جامعة الكويت، ع67، 2006م pubcouncil.kunrv.edu.kw
– مجلة مجمع الفقه الإسلامي 9/1977، العدد الثامن .

مسائل ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى