قسم الأسرةباب النكاح

ثبوت العقم طبيا وأثره على عقد النكاح

المسألة رقم 58

العناوين المرادفة

أثر ثبوت العقم على عقد النكاح.

صورة المسألة

عندما لا يحدث حمل بعد مضي عام على الزواج، ينبغي على الزوجة التوجه إلى الطبيب المختص للتأكد من انتظام عملية الإباضة، وسلامة قناة فالوب، وكمية الإفرازات الهرمونية الكافية لهذه العملية.
وفي الوقت نفسه يجب على الزوج كذلك مراجعة طبيب الأعضاء التناسلية لتوضيح الأسباب، حيث تؤخذ منه عينة من الحيوانات المنوية لفحصها والتأكد من نشاطها وكميتها، ولا يحكم بأن الرجل عقيم حتى تتم سلسلة من الفحوصات الجسدية والتحاليل المخبرية، وبناء على الفحوصات والكشف الطبي يمكن معرفة السبب وراء انخفاض خصوبة الرجل أو عقمه.
فما أثر ذلك على عقد النكاح؟ وهل يحق فسخ عقد النكاح في حالة ثبوت العقم؟

حكم المسألة

العيوب التي تثبت لأحد الزوجين الخيار في استمرار النكاح أو فسخه، ترجع في مجموعها إلى سبب واحد هو المنع من الجماع، أو عدم تحصيل لذته، سواء كانت هذه العيوب جنسية أو جسمية، والعقم عند الرجال هو عدم القدرة على الإلقاح بالرغم من إمكانية الرجل من ممارسة العملية الجنسية، أو هو فشل الحمل بعد مضي سنة واحدة من الممارسة الجنسية.

وبناء على ذلك اختلف الفقهاء في اعتبار العقم عيبا يثبت به فسخ النكاح على قولين:

القول الأول: العقم لا يعتبر عيبًا من عيوب النكاح وبناء على ذلك لا يثبت لأحد الزوجين فسخ النكاح بسبب عقم الآخر.

وهذا قول الكمال بن الهمام من الحنفية، وهو قول المالكية إلا الحطاب، فقد جعله القول الظاهر عنده، وكذلك فهو قول النووي من الشافعية، والشيباني من الحنابلة، وابن حزم.

جاء عن الكمال بن الهمام قوله “ولو كان الزوج يجامع ولا ينزل لجفاف مائه لم يكن لها طلب التفريق”، كما يقول الدردير من المالكية “…ولا يضر عدم النسل كالعقم”، وجاء عن الخرشي: “وقيده أي الخصى في الجواهر بما إذا لم ينزل، لأن الخيار إنما هو بعدم تمام اللذة لا للوطء وكذلك لا ترد العقيم”، وقال الحطاب: وأما العقيم فالظاهر أنه لا يجب إخبارها به، لأنه ليس بعيب “، وأما النووي فقد قال: “ولا خيار بكونه أو كونها عقيمًا”، كما جاء عن الشيباني من الحنابلة: “… وكون أحدهما عقيمًا… لأن ذلك لا يمنع الاستمتاع ولا يخشي تعديه، قال في شرح المقنع: ولا نعلم في هذا خلافًا بين أهل العلم، إلا الحسن فإنه قال إذا وجد الآخر عقيمًا يخير”

أما الظاهرية فلم يعتبروا العقم عيبًا، لأنه لم يثبت عندهم شيء من أدلة الفقهاء التي استدلوا بها على ثبوت الخيار بالعيوب المعروفة، وبناء عليه فالعقم ليس عيبًا عندهم.

 

القول الثاني: أن العقم يعتبر عيبًا، وبناء على ذلك يثبت لأحد الزوجين خيار فسخ النكاح إذا كان صاحبه عقيمًا.

هذا هو القول المرجوح عند الحطاب من المالكية، وقول الحسن من الحنابلة، والمستحب عند الإمام أحمد أن يخبرها بالعقم قبل العقد.

فقد جاء عن الحطاب قوله: ” وأما العقم فالظاهر أنه لا يجب إخبارها به، وهذا يعني أن القول المقابل لهذا الظاهر أنه يجب إخبار الزوجة بالعقم، وبناء عليه يحق لها أن تختار فسخ النكاح أو إبقاؤه، وإلا لما كان للإخبار بالعقم معنى”.

جاء في المغني لابن قدامة: ” وأحب أحمد تبيين أمره أي العقيم وقال: عسى امرأته تريد الولد، وهذا في ابتداء النكاح، فأما الفسخ فلا يثبت به، أي بالعقم”.

وقال في تعليله: “ولأن ذلك لا يعلم، فإن رجالا لا يولد لأحدهم وهو شاب، ثم يولد له وهو شيخ”.

 

أثر الطب في إثبات العقم:

يمكن أن يقال هنا إنه لو قطع علم الطب بعقم الرجل وعدم رجاء نسله، بسبب تلف عضوي فيه كضمور الخصى، وجفاف الحبال المنوية المكونة لها، فإن ذلك يثبت الخيار، بناء على كلام الإمام أحمد رحمه الله، حيث حكم بعدم الفسخ لعدم القطع بالعقم، كما قال”ولأن ذلك لا يعلم” وأن عدم العلم الذي تحدث عنه إنما هو راجع إلى عدم وجود الطب التشريحي آنذاك، حيث يقوم هذا الطب بدور تشخيص الأمراض ومعرفة نتائجها، فإذا قطعنا بالعقم ثبت الخيار.

المراجع

1. الموضوع ” عقم الزوجة والزوج “، المفتى: فضيلة الشيخ عطية صقر، مايو 1997.
2. حق الزوجة في فسخ النكاح بسبب عقم زوجها، ماهر أحمد السوسي، كلية الشريعة – الجامعة الإسلامية غزة 2005 م، مجلة الجامعة الإسلامية، سلسلة الدراسات الإسلامية، المجلد الرابع عشر، العدد الأول، ص 137، يناير 2006.
3. العقم عند الرجال والنساء، سبيروس فاخوري، دار الفكر للملايين، بيروت، لبنان.
4. الأحوال الشخصية، للشيخ عبد الرحمن تاج، ص 347 – 350 “.
5. الأحكام المتصلة بالعقم والإنجاب ومنع الحمل في الفقه الإسلامي، تأليف: سارة شافي سعيد الهاجري، تاريخ النشر: 2007، دار البشائر الإسلامية، الطبعة الأولى.

مسائل ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى