قسم الجنايات والقضاء والعلاقات الدوليةباب الجنايات

تغيير الجنس بالجراحة الطبية

مسألة رقم 40

العناوين المرادفة

تحويل الذكر إلى أنثى والعكس

صورة المسألة

تغيير الجنس أو تحويل الجنس بالجراحة الطبية يراد به: إجراء جراحي يتم فيه استئصال الأعضاء التناسلية، وزرع أعضاء تناسلية من جنس مغاير، بقصد تحويل الذكر إلى أنثى أو العكس.
وتقوم هذه الجراحة في الذكور على استئصال الخصيتين والقضيب، وبناء مهبل صناعي باستخدام جزء من الأمعاء، وتكبير الثديين.
وفي الإناث على استئصال الثديين والرحم، وإلغاء القناة التناسلية الأنثوية بدرجات متفاوتة، وزرع الجلد، وبنائه على شكل قضيب.
ويصحب هذا النوع من الجراحات علاج نفسي وهرموني.
وتغيير الجنس موضوعه: ذكور وإناث سليمون في أعضائهم التناسلية، قادرون على القيام بدورهم كاملاً، يتزوجون وينجبون على حالتهم التي خلقهم الله سبحانه وتعالى عليها، ثم ينتابهم شعور يأخذ بالطغيان بعد أن كان مكبوتاً بالرغبة بالتخلي عن جنسهم الطبيعي، والتحول إلى الجنس الآخر.
وتظهر هذه الأعراض النفسية لدى الرجال أكثر منها لدى النساء، وقد تبدأ الرغبة في ارتداء ملابس الجنس الآخر، ثم التفكير في امتلاك الأعضاء التناسلية الخاصة بالجنس المقابل لجنسه، يلي ذلك الرغبة في التخلص من الأعضاء التناسلية والمطالبة بإجراء عملية جراحية، وفي حال رفض هذا المطلب قد يلجأ المريض إلى إيذاء نفسه.

حكم المسألة

عمليات تغيير الجنس من الجراحات المحرمة، وبناء على أن هذا النوع من العمليات الممنوعة يستلزم العمل الجراحي وتناول العقاقير والأدوية الهرمونية، فإن قيام الجراح بهذه الجراحات يعد شرعاً من قبيل الجرائم الطبية العمدية، والقول بالتحريم هو ما أفتت به دور الإفتاء والمؤتمرات الفقهية المعاصرة، كدار الإفتاء المصرية، والمجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي، واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، وهيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية، وبه أوصت ندوة الرؤية الإسلامية لبعض الممارسات الطبية.

والأدلة على التحريم ما يلي:

الدليل الأول: اشتمال هذه الجراحة على عدد من المحاذير الشرعية، مثل: تغيير خلق الله، والتسخط على قضائه وقدره، والتعدي على مشيئته، وحكمته في الخلق، وإحداث العقم الدائم، واستباحة ما لم يأذن به الشرع.

الدليل الثاني: مخالفة هذه الجراحة للمقاصد الشرعية، والقواعد العامة في الفقه الإسلامي.

الدليل الثالث: أن الشريعة جاءت بالنهي عن أمور، وجراحة تغيير الجنس تتضمن هذه الأمور، وزيادة، وهي:

أ ـ أن الشريعة الإسلامية نهت عن مجرد تمني المرأة مما وهب الله الرجل من خصائص الرجولة، وتمني الرجل شيئاً مما وهبه الله المرأة من خصائص الأنوثة، قال تعالى: (وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ)[ النساء: ٣٢].

ب ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء، وأمر بإخراجهم من البيوت، كما جاء اللعن لكل من يتشبه بغير جنسه متعمداً. [رواه أبو داود (4930)].

الدليل الرابع: أن هذه الجراحة تحدث فوضى واضطراباً في الأحكام الشرعية من حيث معاملة الإنسان، هل يجري بناء على أصل خلقته، أو على الحالة التي تحول إليها.

وبناء على ما سبق فجريمة تغيير الجنس توصف فقهياً بكونها: جناية طبية عمدية على ما دون النفس من الأعضاء التناسلية، كما يمكن أن توصف شرعاً بكونها جريمة هتك عرض؛ لما فيها من التعرض للعورات؛ نظراً ومساً دون مصلحة معتبرة.

أما من حيث المسؤولية الجنائية: فلا يبعد القول في مسؤولية الجراح الجنائية عن الاستئصال الحاصل في جريمة تغيير الجنس عنه في جريمة الختان الفرعوني، بجامع: أن المعتدى عليه في المسألتين هي الأعضاء الجنسية، وكون القطع فيهما غير مبرر طبياً وغير مقبول شرعاً، وكون المعتدى عليه في المسألتين يعتقد أن مصلحته في الجراحة، وبالتالي فهو راض بها خاضع بإرادته لها.

ومن المعلوم أن الواحب شرعاً في قطع الأعضاء الجنسية للإنسان القصاص إن أمكن، بل أضاف بعض الفقهاء أن ذهاب أكثر من منفعة يوجب أكثر من دية، ولا ريب أن من تجرى له هذه الجراحة يفقد أكثر من منفعة، منها: منفعة الجماع، ومنفعة النسل.

ويشكل في هذه المسألة: حصول الرضا بالجناية من المجني عليه، فيمكن أن تخرج هذه المسألة فيما يجب على الجراح بجنايته على مسألة ما يجب على القاتل أو القاطع فيما لو قال الإنسان لغيره: اقتلني أو اجرحني.

وبناء على اعتبار هذه الجريمة جريمة هتك عرض فيجب فيها العقوبة التعزيرية.

المراجع

• نوازل الجرائم الطبية (رسالة دكتوراه، قسم الفقه، كلية الشريعة)، د. أمل الدباسي (458) فما بعدها.
• جراحات الذكورة والأنوثة، محمد فتحي مفتاح (477).
• جراحة التجميل بين المفهوم والممارسة، د. ماجد طهيوب، بحث مقدم لندوة الرؤية الإسلامية لبعض الممارسات الطبية (88).
• الجراحة التجميلية، د. صالح الفوزان (536).
• قضايا طبية مستجدة (2/ 289-291).
• فقه النوازل، د. الجيزاني (4/96).
• الفتاوى المصرية (3503).
• الفتاوى الطبية المتعلقة بالطب وأحكام المرضى لجمع من العلماء (304).

مسائل ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى