قسم الأقليات المسلمةباب العبادات

بناء المراكز الإسلامية من الزكاة

مسألة رقم 9

العناوين المرادفة

استخدام أموال الزكاة في بناء المراكز الإسلامية.

صورة المسألة

تحتاج المراكز الإسلامية لكثير من الأموال لشراء مقارّ لها، والبناء عليها، وكذلك التشييد والصيانة، ثم لإدارة أمورها بما يخدم رسالتها، وقد لا تكفي أموال التبرعات، مع حاجة المسلمين الشديدة لبناء مراكز إسلامية أو شرائها أو تأجيرها، فهل يجوز استخدام أموال الزكاة في بناء المراكز الإسلامية في بلاد الغرب؟

حكم المسألة

اختلف العلماء في هذه المسألة على اتجاهين:

الاتجاه الأول: جواز صرف أموال الزكاة في بناء المراكز الإسلامية وغيرها من أمور الدعوة.

وهو الذي رآه كل من:

1- مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في دورته الثامنة 27 ربيع الآخر: 8 جمادى الأولى 1405هـ في قراره الثامن والتاسع يوم 12-19 رجب 1406هـ في قراره الخامس والسابع، حيث جاء فيه: أن مصرف في سبيل الله يتسع، وبالتالي يجوز صرف التبرعات في غير ما جمعت له، على أنشطة دعوية ومؤسسات اجتماعية تقوم بمهمة الذود عن الإسلام ونشر كلمته (والمراكز الإسلامية خير من يقوم بهذا الدور) ([1])‏.

 

2- بيت الزكاة([2])‏،رأت لجنة الفتوى به: أنه يجوز استثمار أموال الزكاة في مشاريع استثمارية ربحية، كالمدارس والمستشفيات (ومن باب أولى المراكز الإسلامية) بشروط هي:

1-أن يفيد من خدمات المشروعات مستحقو الزكاة.

2- يبقى الأمر على ملك مستحقي الزكاة ويديره ولي الأمر أو من ينيبه.

3- إذا بيع أو صفي كان ناتج التصفية مال زكاة([3])‏.

3- الشيخ محمد رشيد رضا رأى أن مصرف في سبيل الله يراد به “كل عمل صالح من المصالح العامة يتقرب به إلى الله تعالى”([4])‏.

4- يرى الشيخ محمود شلتوت أن المقصود بكلمة “في سبيل الله” المصالح العامة التي ينتفع بها المسلمون كافة، ولا تخص واحدا بعينه، فتشمل المساجد والمستشفيات ودور التعليم، ومصانع الحديد والذخيرة، وما إليها مما يعود نفعه على الجماعة([5])‏.

5- ويرى الشيخ جاد الحق علي جاد الحق أن مصرف “في سبيل الله” يتسع لصرف الزكوات إلى جميع وجوه الخير من تكفين الموتى وبناء الحصون وعمارة المساجد([6])‏.

أهم أدلة هذا القول:

1- قوله تعالى : (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ) [التوبة 60].

2- قوله تعالى: (الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى ۙ لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) [البقرة 262]. فقوله: (فِي سَبِيلِ اللَّهِ) يعمّ كل عمل يدل على الحق ويهدي إليه.

3- قوله ﷺ فيما رواه أبو داود في سننه: أن رجلا جعل ناقة في سبيل الله، فأرادت امرأته الحج، فقال لها النبي ﷺ : ” فهلا خرجت عليه، فإن الحج في سبيل الله” [رواه أبو داود ح 1990].

4- دور المراكز الإسلامية في الدعوة إلى الله تعالى يؤيد دخولها تحت عموم آية الزكاة.

 

الاتجاه الثاني: لا يجوز صرف الزكاة في بناء المراكز الإسلامية.

وقد ذهب إلى هذا الرأي كل من:

1- هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية في قرارها رقم (24) بتاريخ 21-8-1394هـ، بعد عرض البحوث والأقوال في المسألة رأت بالأغلبية أن المقصود بقوله تعالى: (و فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) الغزاة المتطوعون بغزوهم، وما يلزم لهم من استعداد، وإذا لم يوجدوا صرفت في بقية أصناف الزكاة، ولا يجوز صرفها في شيء من المرافق العامة، إلا إذا لم يوجد لها مستحق من الفقراء والمساكين، وبقية الأصناف المنصوص عليهم في الآية الكريمة([7])‏.

2- يرى علماء مجمع الفقه الإسلامي بالهند بالأغلبية أن مصرف (فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) لا يتسع وليس عاماً، فلا يشمل جميع الشؤون الدينية والدعوية([8])‏.

3- يرى الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي الديار السعودية أن مصرف (فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) لا يتسع للمساجد والجهات الخيرية الأخرى فقال: “إن صرف الزكاة للمساجد والأعمال الخيرية مما لا ينطوي تحت الأصناف الثمانية التي ذكرها الله تعالى، وحصر صرف الزكاة فيها لا يجوز”([9])‏.

 

أهم أدلة هذا القول:

أن جمهور العلماء من المتقدمين على أن مصرف “فِي سَبِيلِ اللّهِ” مقصور على الغزاة المتطوعين، والاستعداد لذلك فقط، لأن النصوص الشرعية تطلق هذا اللفظ على هذا المعنى.


([1]) قرارات المجمع الفقهي الإسلامي، ص 171 وما بعدها، ص 196 وما بعدها، و ص 205 وما بعدها.

([2]) وهو هيئة حكومية مستقلة بالكويت.

([3]) أبحاث وأعمال الندوة الثالثة لقضايا الزكاة المعاصرة المنعقدة في الكويت 8-9- 1413هـ، 2-3-1992م ص 323-324.

([4]) انظر: فتاوى الشيخ محمد رشيد رضا، ص 1238، وانظر ص 1915.

([5]) الفتاوى للإمام الأكبر محمود شلتوت ص 128.

([6]) الفتاوى الإسلامية لفضيلة الشيخ الأكبر جاد الحق علي جاد الحق –رحمه الله- ص 105.

([7]) انظر: أبحاث هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية ج 1 ص 98.

([8]) انظر: مجمع الفقه الإسلامي بالهند القرار رقم 28 (12/5).

([9]) فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم فتوى 985 بتاريخ 1-7-1380هـ.

المراجع

• قرارات المجمع الفقهي الإسلامي.
• أبحاث هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية، إعداد الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية دار قاسم للنشر الطبعة الأولى 1421هـ 2001م.
• أبحاث وأعمال الندوة الثالثة لقضايا الزكاة المعاصرة المنعقدة في الكويت 8-9- 1413هـ، 2-3-1992م.
• قرارات مجمع الفقه الإسلامي بالهند.
• فتاوى الشيخ محمد رشيد رضا، جمع وتحقيق الدكتور صلاح الدين المنجد دار الكتاب الجديد بيروت لبنان.
• فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم جمع وترتيب عبد الرحمن بن قاسم.
• الفتاوى التونسية في القرن الرابع عشر الهجري للدكتور محمد بن يونس السويسي ج2 دار سحنون للنشر والتوزيع، ودار ابن حزم للطباعة والنشر والتوزيع بيروت لبنان ط الأولى 1430هـ -2009م.
• الفتاوى للإمام الأكبر محمود شلتوت دار الشروق.
• الفتاوى الإسلامية لفضيلة الشيخ الأكبر، جاد الحق علي جاد الحق –رحمه الله- دار الفاروق للنشر والتوزيع الطبعة الأولى 2005م.

مسائل ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى