قسم الأسرةباب العدة

القطع ببراءة الرحم عبر التحليل الطبي وأثره على استكمال العدة

المسألة رقم 10

العناوين المرادفة

1. أثر الطب الحديث في عدة المرأة.
2. الكشف الطبي ومدى الاستغناء به عن العدة.

صورة المسألة

تطورت طرق معرفة براءة الرحم بالوسائل الطبية الحديثة، والمقصود ببراءة الرحم: وجود علامة خلو المرأة من الحَبَل، والأصل في معرفة براءة الرحم قوله -صلى الله عليه وسلم- في سبايا أوطاس: “لا توطأ حامل حتى تضع, ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة” أخرجه أبو داوود، ح: 2157.
فإذا ارتفع الحيض، فهل ينتظر رجوع الحيض لتعتد المرأة به وإن طالت المدة أم يكتفي بالكشف الطبي الدال على براءة الرحم من الحمل؟

حكم المسألة

لمعرفة براءة الرحم لدى الأطباء في عصرنا طريقان:

الطريق الأول: الكشف عن هرمون الحمل باختبارات الحمل في البول أو الدم. فإذا كانت نتيجة فحص هرمون الحمل إيجابية فهذا يعني في الغالب أن المرأة حامل، إلا أن هذه العلامة غير مؤكدة للحمل بسبب ارتفاع هرمون الحمل عند النساء المقاربات لسن انقطاع الطمث، أو بسبب إفراز بعض الأورام – مثل أورام المبيض – لهذا الهرمون، هذا إلى جانب وجود نتائج سلبية خاطئة.

الطريق الثاني: معرفة براءة الرحم بالكشف عن الجنين بالأشعة فوق الصوتية، والذي يصور الرحم والأجزاء المحيطة به، ويتبين من خلاله حصول الحمل أو عدمه.

فرؤية الجنين في البطن من خلال جهاز الموجات فوق الصوتية دليل يقيني على وجوده، ويمكن ذلك بعد مرور شهر من التلقيح، كما يمكن من خلال الجهاز تقدير عمر الجنين، بل ويمكن رؤية نبض الجنين بواسطة جهاز الموجات فوق الصوتية في حوالي الأسبوع السادس إلى السابع.

يضاف إلى هذا إمكانية استخدام ما يسمى بالأشعة الصوتية ثلاثية الأبعاد، وهي تقنية لا تبقي مجالاً للشك في وجود الحمل من عدمه.

والكشف الطبي يفيد في معرفة عدة المطلقة التي ارتفع حيضها ولم تدر ما رفعه، فإن الفحص بجهاز الموجات فوق الصوتية أو فحص هرمون الحمل في الدم أو في البول كفيل بتحديد حمل هذه المرأة من عدمه، ومن ثم فلا حاجة إلى أن تعتد من ارتفع حيضها سوى ثلاثة أشهر إذا تبينا عدم حملها باستخدام الوسائل السابقة، مع مراعاة التأكد طبياً من عدم وجود الحمل بتكرار الفحص بأكثر من وسيلة أو مع فارق زمني لا يقل عن أسبوعين لتلافي النتائج السلبية الخاطئة.

وإذا ارتابت المعتدة غير الحامل في كونها حاملاً – كظهور أمارات الحمل من الحركة وانتفاخ البطن وانقطاع الحيض ونزول اللبن من ثديها وغير ذلك فزوال ريبة مثل هذه المرأة باستخدام الوسائل الطبية الحديثة لكشف الحمل أو معرفة براءة الرحم متاح ومتيسر في هذا العصر، ولا حاجة أن تتربص مدة طويلة.

لكن الاعتماد على قول الأطباء في معرفة براءة الرحم في أصل موضوع العدة، هي دعوات مرفوضة شرعاً، وهي مبنية على الجهل بأصل مشروعية العدة والحكمة منها.

وكذلك لا يجوز الاكتفاء بالكشف الطبي الدال على براءة الرحم من الحمل، بل لا بد من الاستبراء بحيضة.

فقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: ما رأيكم في الاستبراء عن طريق الكشف الطبي بالوسائل الحديثة؟

فأجابوا: “بأن الله تعالى هو الذي شرع الشرائع في العبادات والأنكحة والمعاملات، وله سبحانه كمال العلم بما كان وما سيكون، ولم يشرع الاستبراء بطريق الكشف الطبي بالآلات الحديثة ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ﴾([1])، فلا يجزئ الاستبراء بذلك بدلا من الاستبراء أو الاعتداد بما عرف شرعاً بالقرآن والسنة وشرحته كتب الفقه الإسلامي”.

وقد دعا مؤتمر نسائي في إحدى العواصم العربية أواخر سنة (1425هـ) إلى إلغاء عدة المطلقة والمتوفى عنها زوجها، واستبدال العدة بالكشف الطبي، بحيث إذا ثبت أن المرأة غير حامل جاز لها أن تتزوج من آخر بعد الطلاق أو وفاة الزوج مباشرة.

وقد أعلن علماء الأزهر – وعلى رأسهم الدكتور نصر فريد واصل مفتي الديار المصرية في ذلك الوقت – رفضهم التام لتوصيات هذا المؤتمر، موضحين أن هناك عوامل نفسية في الزواج والطلاق لا بد من مراعاتها، بالإضافة إلى الجوانب الاجتماعية فليست المسألة قاصرة على منع اختلاط الأنساب([2]).


(1) سورة مريم: الآية ( 64 ).

(2) وقد توصلت بعض الأبحاث الحديثة إلى ما يعتبر إشارة إلى حكمة العدة.

المراجع

1. الندوة الأولى للمنظمة الإسلامية للعلوم الطبية عنوانهــا، الإنجاب في ضوء الإسلام، الكويت، شعبان 1403 هـ، مايو 1983 م.
2. الأحكام المتصلة بالعقم والإنجاب ومنع الحمل في الفقه الإسلامي، تأليف: سارة شافي سعيد الهاجري، تاريخ النشر: 01/09/2007، دار البشائر الإسلامية.
3. “فتاوى اللجنة الدائمة” (20/487).
4. جواب السؤال رقم (5163)، موقع الإسلام اليوم http://www.quransite.com/vb/showthread.php?t=25724&daysprune=1
5. الاعتماد على قول الأطباء في معرفة براءة الرحم، د/محمد بن هائل المدحجي3/9/2011م،
http://fiqh.islammessage.com/NewsDetails.aspx?id=3559

مسائل ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى