قسم الفقه الطّبيباب الطب التجميلي

التجميل لغرض التحسين

المسألة رقم 33

صورة المسألة

التجميل لغرض التحسين

حكم المسألة

المتأمل في النصوص الشرعية الواردة في التجميل وأخذ الزينة يجد بينهما نوعا من العموم والخصوص,فالنصوص العامة في الحث على التجمل والتزين مخصوصة بالنهي عن أنواع منه,ونصوص النهي عن تغيير خلق الله مخصوصة بالإذن فيه في بعض مواضع التزين.

ولهذا وجدنا العلماء في بيان حكم التجميل لغرض التحسين منهم من وسع دائرة الإباحة فجعل الأصل فيه الإباحة إلا ما ورد النص بالتحريم,وفيهم من وسع دائرة المنع فجعل الأصل فيه النهي,لكونه من تغيير خلق الله,إلا ما دل الدليل على جوازه,وبين هذا وذاك اتجاهات أخرى,ويمكن إيجاز هذه الاتجاهات فيما يلي:

الاتجاه الأول: أن الأصل في التجميل لغرض التحسين: الإباحة,ولو اشتمل على شيء من تغيير الخلقة,باستثناء ما ورد النص بتحريمه,وما ورد النهي عنه مما يشتمل على تغيير الخلقة خمسة أنواع هي: النمص, والوصل, والوشم, والوشر, والتفليج, ويلحق بهذه الأنواع ما شابهها في الصلة.

ويقرر أصحاب هذا الاتجاه أن ما يستجد في حياة الناس من صور تجميل البدن من غير ما نهى عنه الشرع,فهو مباح لأنه من قبيل العفو المسكوت عنه.

واستدل أصحاب هذا الاتجاه بما يلي:

  1. إن الأصل في التصرفات أو الأشياء,ومنها التجميل الإباحة، لقوله تعالى: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ۚ) [الجاثية 13].
  2. إن من مقاصد الشريعة التجميل والتزيين,فإذا كان التجميل لغرض مشروع,وليس للعبث,وخلا من الإسراف و الضرر و كشف العورات,وغيرها من المحاذير,فإن القول بجوازه يتفق مع مقاصد الشريعة.
  3. أنه ورد في الشرع إباحة أنواع متعددة من تجميل البدن,وهي لا تخلو من تغيير خلق الله, منها ما هو منصوص عليه,انعقد الإجماع على مشروعيته,أو جوازه كالختان,وقص الشعر,ونتف الإبط,وحلق العانة,والكحل والخضاب,ومنها ما هو مسكوت عنه,وجمهور أهل العلم على جوازه,كإزالة الشعر في غير الوجه.

الاتجاه الثاني: أن التجميل لغرض التحسين الأصل فيه التحريم،وعلى هذا الإتجاه لا يحل التجميل لغرض التحسين وفيه تغيير الخلقة إلا ما دل الدليل على جوازه، وما عدا ذلك فهو ممنوع.

وأدلة هذا الاتجاه هي:

  1. عموم النصوص الواردة في النهي عن تغيير خلق الله,فهي لم تفرق بين ما إذا كان التغييردائما,أو مؤقتا,ولا ما إذا كان بقصد التجميل,أم كان لغير ذلك.
  2. أن تغيير الخلقة فيه تعد على البدن الذي هو أمانة عند العبد,فليس له أن يغير فيه إلا فيما أذن له به مالكه الحقيقي، والله سبحانه وتعالى.
  3. أن تغيير خلق الله ينبني عن عدم الرضا بخلقة الله التي ارتضاها للعبد.

 

الاتجاه الثالث: أن التجميل المحرم هو ما كان على سبيل الدوام,أما ما كان على سبيل التأقيت فلا يحرم.

ولعل سند هذا الاتجاه: التوفيق بين النهي عن الوشم الذي يكون باقيا في الجلد,وجواز الكحل والخضاب اللذين يبقيان لمدة مؤقتة.

 

الاتجاه الرابع:

أن التجميل المحرم فقط هو ما كان فيه غش وتدليس.

ويستدل لهذا الاتجاه:

بأن العلة في تحريم التجميل الوارد في الأحاديث,هي كونه مدعاة للغش,والتدليس,والتضليل.

وقد جاء في قرار المجمع الفقهي الدولي رقم 173 (11/18) مايلي:

“لا يجوز إجراء جراحة التجميل التحسينية التي لا تدخل في العلاج الطبي ويقصد منها تغيير خلقة الإنسان السوية تبعا للهوى والرغبات بالتقليد للآخرين، مثل عمليات تغيير شكل الوجه للظهور بمظهر معين، أو بقصد التدليس وتضليل العدالة وتغيير شكل الأنف وتكبير أو تصغير الشفاه وتغيير شكل العينين وتكبير الوجنات.”

 

المراجع

1. الجراحة التجميلية، عرض طبي ودراسة فقهية مفصلة، د.صالح بن محمد الفوزان، دار التدمرية، الرياض، ط.1، 1428.
2. العمليات التجميلية،د. صالح بن محمد الفوزان، بحث منشور في السجل العلمي لمؤتمر الفقه الإسلامي الثاني، قضايا طبية معاصرة، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، المجلد الثالث، 1431
3. الضوابط الشرعية للعمليات التجميلية، د. آمال يس عبدالمعطي بندراوي،بحث منشور في السجل العلمي لمؤتمر الفقه الإسلامي الثاني، قضايا طبية معاصرة، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، المجلد الثالث، 1431.
4. الجراحة التجميلية، ضوابطها والتكييف الفقهي لها، د. عبدالستار ابراهيم، بحث منشور في السجل العلمي لمؤتمر الفقه الإسلامي الثاني،قضايا طبية معاصرة، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، المجلد الثالث، 1431.

مسائل ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى