قسم الفقه الطّبيباب الإجهاض

الإجهاض الاختياري

المسألة رقم 1

صورة المسألة

الإجهاض الاختياري هو: إخراج الحمل من الرحم في غير موعده الطبيعي عمدا، وبلا ضرورة بأي وسيلة من الوسائل.
وله دوافع منها الشخصية مثل:الفقر، وعدم الرغبة في كثرة الأولاد، المحافظة على جمال المرأة، أو انشغالها بالعمل ونحوها.
أو دوافع تحسينية: كالشك في تعرض الحمل لتشوهات، أو إعاقات عقلية لأي سبب من الأسباب التي قد تعرض للحامل.

حكم المسألة

يختلف حكم الإجهاض بحسب اختلاف أطوار نمو الجنين، وفيما يلي ذكر الأقوال حسب هذه الأطوار.

أولاً: إجهاض الجنين بعد نفخ الروح.

اتفق علماء الأمة على تحريم إجهاض الجنين بعد نفخ الروح فيه، أي بعد مرور أربعة أشهر من بداية الحمل.

واستدلوا لذلك بأدلة منها:

أولا: الحمل بعد نفخ الروح فيه أصبح نفسا محترمة يحرم التعرض لها بشيء من الضرر ومن ذلك القتل لعموم قوله تعالى:( مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ) [سورة المائدة 32].

ثانيًا: قوله تعالى: ( وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8)بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ ) [ سورة التكوير 8، 9].

 

ثانيا: إجهاض الجنين قبل نفخ الروح فيه.

تشمل هذه المرحلة إجهاض الجنين في أطواره الثلاثة الأولى: النطفة والعلقة والمضغة، وللفقهاء في حكم الإجهاض في هذه المرحلة خمسة اتجاهات فقهية:

الاتجاه الأول:تحريم الإجهاض في جميع أطوار هذه المرحلة.

ولأصحاب هذا الاتجاه أدلة منها:

الدليل الأول:ما رواه عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: حدثنا الصادق المصدوق ﷺ قال: (إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة…) الحديث. أخرجه البخاري (ح 3036)،ومسلم (ح 2643).

ففيه دلالة على أن بدء مراحل الخلق والتكوين في النطفة، وما كان كذلك لم يجز التعدي عليه وإسقاطه، وما بعده من الأطوار من باب أولى.

الدليل الثاني:ما ثبت عن النبي ﷺ من نهم قضوا بالدية أنه قضى بالضمان على من أجهض جنينًا دون سؤال عن مدة الحمل ونحوه،كما أخرجه البخاري (ح 5758) ومسلم (ح 1681)والجنين اسم للحمل ما دام في البطن، وإيجاب الغرة على من أجهض ما في البطن بسبب التعدي المستلزم للإثم دليل على عدم جواز الاعتداء عليه.

 

الاتجاه الثاني:كراهة الإجهاض في طور النطفة، والتحريم فيما بعدها.

ويستدل لأصحاب هذا الاتجاه على تحريمه في طور العلقة والمضغة بأدلة أصحاب الاتجاه الأول.

وأما قولهم بكراهته في مرحلة النطفة فلعله لترددهم بين انعقاد الحمل وعدم انعقاده في هذه المرحلة، واحتمال التصوير وعدمه.

 

الاتجاه الثالث:جواز الإجهاض في مرحلة النطفة والتحريم فيما عداها.

ولأصحاب هذا الاتجاه أدلة منها:

الدليل الأول: حديث ابن مسعود رضي الله عنه : (إن النطفة تكون في الرحم أربعين يوما على حالها لا تغير فإذا مضت الأربعون صارت علقة…)(أخرجه أحمد في مسنده برقم 3553، وقال محقق المسند: إسناده ضعيف ومنقطع، مؤسسة الرسالة –بيروت)

ففيه بيان أن النطفة تبقى على حالها ولا تنعقد، وما لا ينعقد يجوز إسقاطه.

الدليل الثاني: عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: (إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة بعث الله إليها ملكا فصورها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظمها).أخرجه مسلم (ح 6896).

ففي الحديث دلالة على أن تصوير الجنين وخلقه يكون في الأربعين الثانية فلزم من ذلك أن يكون في الأربعين الثانية لحما وعظما، فلم يجز التعرض له بالإجهاض، وقبلها ليس بشيء فجاز إسقاطه.

 

الاتجاه الرابع: جواز الإجهاض في مرحلتي النطفة والعلقة، وتحريمه في مرحلة المضغة.

ودليلهم: ما ذكر من عدم تصوير الجنين في هاتين المرحلتين تصويرا تميزه القوابل بخلاف مرحلة المضغة فإنه يكون قد تصور وبانت فيه خلقة الآدمي فحرم التعدي عليه بالإجهاض.

 

الاتجاه الخامس: جواز الإجهاض في جميع أطوار هذه المرحلة.

ولهم على ذلك أدلة منها:

الدليل الأول: إن كل ما لم تحل فيه الروح لا يبعث يوم القيامة، وما لا يبعث لا اعتبار لوجوده، وما كان كذلك فلا حرمة في إجهاضه.

الدليل الثاني: إن الجنين ما لم يتخلق فليس بآدمي، وإذا لم يكن آدميا فلا حرمة له، فجاز إسقاطه.

الدليل الثالث: يجوز إسقاط ما لم تنفخ فيه الروح قياسا على العزل.

المراجع

1- أحكام الجنين في الفقه الإسلامي، لعمر محمد غانم.ط. دار الأندلس الخضراء،جدة، 1421هـ.
2- أحكام الإجهاض في الفقه الإسلامي، لإبراهيم رحيم، ط. مجلة الحكمة، سلسلة إصدارات الحكمة رقم 13.
3- الإجهاض أحكامه وآثاره، د.عبدالرحمن بن حسن النفيسة.
4-مشكلة الإجهاض، دراسة طبية فقهية، د.محمد علي البار، الدار السعودية – جدة، ط2- 1407هـ
5-حكم الإجهاض في الفقه الإسلامي، د. محمد نعيم ياسين، ضمن كتاب (أبحاث فقهية في قضايا طبية معاصرة)، دار النفائس – الأردن، ط4، 1428.

مسائل ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى