قسم المعاملات الماليةباب الوقف

استثمار ريع الوقف

المسألة رقم 156

صورة المسألة

أن تقوم الجهة المشرفة على الوقف, باستثمار أمواله, بقصد تنمية الأموال الوقفية, سواء أكانت أصولًا, أم ريعًا, بوسائل استثمارية مباحة شرعًا.

حكم المسألة

ذهب مجمع الفقه الإسلامي الدولي, وأمانة الفتوى بوزارة الأوقاف والشئون الإسلامية, (الكويت) إلى جواز استثمار أموال الوقف.

أهم أدلة الجواز:

  1. أن الأصل في الوقف بقاء العين والاستفادة من الغلة، فإذا كان الاستثمار يزيد الغلة وينمي الوقف فالأصل الإباحة، ولأنه موافق لمقصود الشارع فب الوقف.
  2. الاستئناس بما فعله سيدنا عمر بن الخطاب ؓ فيما آل إليه من أموال الغنائم، حيث إنه رفض قسمتها على الجيش كأرض السواد في العراق، وأراضي مصر والشام، بغية استثمارها من أجل تأمين موارد مالية ثابتة لبيت المال.

 

قرارات المجامع الفقهية والهيئات الشرعية والفتاوى العلمية.

أولًا: قرارات المجامع الفقهية: ـ

قرر مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في دورته الخامسة عشرة بمسقط (سلطنة عُمان) 14 – 19 المحرم 1425هـ، الموافق 6–11 آذار (مارس) 2004م. بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع الاستثمار في الوقف وفي غلاته وريعه، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله، وبالرجوع إلى قرارات وتوصيات الندوات والمؤتمرات التي عقدت لهذا الغرض، قرر ما يلي:…

3/ يجب استثمار الأصول الوقفية, سواء أكانت عقارات أم منقولات, ما لم تكن موقوفة للانتفاع المباشر بأعيانها.

4/ يعمل بشرط الواقف إذا اشترط تنمية أصل الوقف بجزء من ريعه، ولا يعدّ ذلك منافيًا لمقتضى الوقف، ويعمل بشرطه كذلك, إذا اشترط صرف جميع الريع في مصارفه، فلا يؤخذ منه شيء لتنمية الأصل.

5/ الأصل عدم جواز استثمار جزء من الريع إذا أَطلق الواقف ولم يشترط استثماره, إلا بموافقة المستحقين في الوقف الذُّري([1])، أما في الوقف الخيري فيجوز استثمار جزء من ريعه في تنمية الأصل للمصلحة الراجحة بالضوابط المنصوص عليها لاحقًا.

6/ يجوز استثمار الفائض من الريع في تنمية الأصل أو في تنمية الريع، وذلك بعد توزيع الريع على المستحقين, وحسم النفقات والمخصصات، كما يجوز استثمار الأموال المتجمعة من الريع التي تأخر صرفها.

7/ يجوز استثمار المخصصات المتجمعة من الريع للصيانة وإعادة الإعمار, ولغيرها من الأغراض المشروعة الأخرى.

8/ لا مانع شرعًا من استثمار أموال الأوقاف المختلفة في وعاء استثماري واحد, بما لا يخالف شرط الواقف، على أن يحافظ على الذمم المستحقة للأوقاف عليها.

 

9/ يجب عند استثمار أموال الوقف مراعاة الضوابط الآتية:

أ/ أن تكون صيغ الاستثمار مشروعة وفي مجال مشروع.

ب/ مراعاة تنوع مجالات الاستثمار لتقليل الأخطار وأخذ الضمانات والكفالات، وتوثيق العقود، والقيام بدراسات الجدوى الاقتصادية اللازمة للمشروعات الاستثمارية.

ج‌/ اختيار وسائل الاستثمار الأكثر أمانًا, وتجنب الاستثمارات ذات الأخطار العالية بما يقتضيه العرف التجاري والاستثماري.

د‌/ ينبغي استثمار أموال الوقف بالصيغ المشروعة الملائمة لنوع المال الموقوف, بما يحقق مصلحة الوقف, وبما يحافظ على الأصل الموقوف، ومصالح الموقوف عليهم. وعلى هذا، فإذا كانت الأصول الموقوفة أعيانًا فإن استثمارها يكون بما لا يؤدي إلى زوال ملكيتها، وإن كانت نقودًا فيمكن أن تستثمر بجميع وسائل الاستثمار المشروعة كالمضاربة والمرابحة والاستصناع.. إلخ.

 

ثانيًا: وقف النقود:

1/ وقف النقود جائز شرعًا، لأن المقصد الشرعي من الوقف هو حبس الأصل وتسبيل المنفعة متحقق فيها ؛ ولأن النقود لا تتعين بالتعيين, وإنما تقوم أبدالها مقامها.

2/ يجوز وقف النقود للقرض الحسن، وللاستثمار إما بطريق مباشر، أو بمشاركة عدد من الواقفين في صندوق واحد، أو عن طريق إصدار أسهم نقدية وقفية تشجيعًا على الوقف، وتحقيقًا للمشاركة الجماعية فيه.

4/ إذا استثمر المال النقدي الموقوف في أعيان, كأن يشتري الناظر به عقارًا, أو يستصنع به مصنوعًا، فإن تلك الأصول والأعيألا تكون وقفًا بعينها مكان النقد، بل يجوز بيعها لاستمرار الاستثمار، ويكون الوقف هو أصل المبلغ النقدي.

ويوصي بما يأتي:

1/ دعوة الدول الأعضاء بمنظمة المؤتمر الإسلامي، والمجتمعات الإسلامية في الدول غير الإسلامية إلى المحافظة على الوقف ورعايته والعناية به، وعدم الاعتداء عليه، وإحياء بعض أنواع الوقف، مثل الوقف الذُّري, الذي قامت بإلغائه بعض التشريعات العربية والإسلامية.

2/ دعوة المنظمات العالمية المتخصصة إلى تحمل مسؤوليتها نحو الأوقاف في فلسطين بصورة عامة، وفي القدس الشريف بصورة خاصة، وحمايتها وبذل الجهود للحفاظ على معالمها، والدعوة إلى تنميتها لتتمكن من تحقيق أهدافها وأداء رسالتها.

3/ دعوة الحكومات الإسلامية لتحمّل بعض مصروفات إدارة الوقف ما أمكن ذلك من باب المصلحة العامة، ولأنها المسؤولة عن رعاية مصالح العباد والبلاد.

4/ دعوة الهيئات المتخصصة لوضع معايير شرعية ومحاسبية للتدقيق الشرعي والمالي والإداري في أعمال الناظر، سواء أكان فردًا أم جماعةً أم مؤسسةً أم وزارة، وينبغي أن تخضع إدارة الوقف لقواعد الرقابة الشرعية والإدارية والمالية والمحاسبية.

5/ ضرورة وضع ضوابط معيارية لنفقات الوقف سواء أكانت تسويقية أم إعلامية أم إدارية أم أجورًا أم مكافآت, لتكون مرجعًا عند الرقابة والتفتيش وتقويم الأداء.

6/ الدعوة لإحياء نظام الوقف بجميع أنواعه, التي كان لها دور عظيم في الحضارة الإسلامية, وفي التنمية البشرية والعلمية والاجتماعية والاقتصادية.

7/ الاستفادة من التجارب الرائدة في إدارة الوقف وحمايته وتنميته في بعض الدول العربية والإسلامية.

8/ ضرورة إعطاء الأولوية في استثمارات الأوقاف للبلاد الإسلامية.

والله أعلم

 

2/ فتوى قطاع الإفتاء والبحوث الشرعية بوزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بالكويت.

ورد استفسار إلى لجنة قطاع الإفتاء بوزارة الشؤون الإسلامية بالكويت عن موضوع استثمار ريع الوقف([2]).

فأجابت بما نصه:

بأنه لا بأس بتأسيس هذا الصندوق على حسب ما ورد في السؤال مع مراعاة عدم الإخلال بأوجه الصرف المنصوص عليها في حجج الوقف الأخرى، وأن يكون هذا الصندوق تحت رقابة إدارة مختصة أمينة. والله أعلم.

[1]) أي الوقف على الذرية، وهم الأولاد، بنين وبنات وأولادهم، وإن نزلوا حسب إرادة الواقف.

[2]) ينظر نص السؤال في فتوى رقم (2104) .

المراجع

1/ مجمع الفقه الإسلامي الدولي, قرار رقم 140 (6/15).
2/ وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية, قطاع الإفتاء والبحوث الشرعية, فتوى رقم (2104).
3/ استثمار الوقف (رسالة دكتوراه)، د. أحمد الصقيه, جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية, كلية الشريعة.
4/ استثمار الوقف، أ.د. عبدالله بن موسى العمار، بحث مقدم لندوة قضايا الوقف الفقهية الأولى. الكويت 1424.
5/ استثمار الوقف (بحث ماجستير)، د. سالم بن ناصر الراكان، مكتبة المعهد العالي للقضاء.

مسائل ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى