قسم الجنايات والقضاء والعلاقات الدوليةباب مسائل القضاء

أثر مطابقة بقع الدم في الإثبات

مسألة رقم 181

صورة المسألة

تصنف دماء الناس إلى أربع فصائل رئيسة، ويمكن من خلال تحليل الدم معرفة الفصيلة التي ينتمي إليها الشخص، وفي بعض الأحيان قد توجد بقعة دموية في مكان الحادث قد تتطابق مع فصيلة دم المتهم، فهل الاعتماد على نتيجة فحص الدم في الإثبات من عدمه معتبر شرعاً أولا؟

حكم المسألة

إذا عُثر على بقعة دم في مكان الحادث ثم تبين بعد فحصها عدم المطابقة بينها وبين فصيلة دم المتهم كان ذلك قرينة قاطعة على نفي التهمة عنه؛ لما قرره أهل الاختصاص من أن بحث فصائل الدم يصل إلى نتيجة سلبية قاطعة، فإذا كانت فصيلة الدم للبقعة الموجود على السلاح أو على ثوب المجني عليه من غير دمه كأن تكون من فصيلة (A) وفصيلة دم المتهم (B) فإن ذلك قرينة قوية على أنه ليس هو الجاني، خصوصاً إذا لم يكن هناك ما يربطه بالجناية إلا هذا الدم.

أما إذا تطابقت الفصيلتان فإن ذلك لا يعد دليلاً قاطعاً على أن المتهم هو الجاني؛لأنه قد ثبت من خلال الدراسات العلمية أن عدداً كبيراً من البشر قد يشتركون في فصيلة واحدة إذ ثبت أن 45% منهم تقريباً يشتركون في فصيلة (O)، و42% تقريباً يشتركون في فصيلة (A)، و10% تقريباً يشتركون في فصيلة (B)، والباقي وهم 3% يشتركون في فصيلة (AB).

ومع ذلك فإن مطابقة الفصيلة يقوي التهمة في جانب المتهم مما يسوّغ استجوابه والتحقيق معه حتى يصدر منه إقرار بالجناية فيحكم عليه بإقراره، أو يتكون لدى القاضي أو المحقق القناعة ببراءته.

إلا أنه في بعض الأحيان قد ينضم إلى قرينة مطابقة الفصائل قرائن أخرى تقوي العمل بها والحكم بموجبها بناء على غالب الظن، كما لو وجد في العينتين المفحوصتين والمتطابقتين مرض نادر خاص بالدم أو جراثيم معينة، أو حصل من المتهم الكذب في مصدر الدم الذي يلوث ملابسه فيقر مثلاً بأنه دم داجنة ذبحها، ثم يتبين من الفحص أنه دم لإنسان، وأنه من فصيلة دم المجني عليه، فالكذب هنا وإن كان قرينة في ذاته إلا أنه يعزز قرينة اتفاق فصيلة الدم، ومثله لو ادعى المتهم أن الدم الذي يلوث ملابسه هو دمه؛ معللاً حدوثه لأي سبب، ثم تبين من الفحص أن فصيلة هذا الدم تخالف فصيلة دم المتهم، بينما تتفق مع فصيلة دم المجني عليه، وهكذا.

وإذا قيل بجواز الحكم بموجب ما انضم إلى مطابقة الفصائل من قرائن أخرى فإنه يخرج من ذلك الحدود والقصاص؛ لأن الحدود تدرأ بالشبهات، والدماء يحتاط فيها ما لا يحتاط في غيرها، ومع ذلك يمكن اعتبار هذه القرائن المجتمعة لوثاً يجيز لأولياء المقتول أن يحلفوا خمسين يميناً فيستحقوا بذلك القود أو الدية، ويكون القصاص حينئذ بسبب القسامة لا بمجرد القرائن المجتمعة.

المراجع

• القرائن المادية وأثرها في الإثبات (رسالة دكتوراه ـ كلية الشريعة ـ جامعة الإمام) د. زيد القرون (274 ـ 296).
• الجرائم الجنسية وإثباتها، أبو بكر عزمي ص288.
• الأدلة الجنائية والتحقيق الجنائي لمنصور المعايطة ص 37.
• الوسائل العلمية الحديثة في الإثبات الجنائي لحسين إبراهيم ص318، 319.
• كشف الجريمة بالوسائل العلمية الحديثة لعبد العزيز حمدي ص252.
• أساليب البحث العلمي الجنائي والتقنية الحديثة لقدري الشهاوي ص101.
• الطب الشرعي والسموم للبطراوي وفودة ص 153.
• الطب الشرعي القضائي للجابري ص71.
• الطب الشرعي في التحقيقات الجنائية لإبراهيم الجندي ص 179-180.
• التحقيق الجنائي الفني والبحث الجنائي ص266.
• المختبرات الجنائية لفنيس والمقذلي ص82
• البوليس العلمي أو فن التحقيق لرمسيس بهنام ص114.
• الطب الشرعي مبادئ وحقائق لحسين شحرور ص258.
• الطب الشرعي وجرائم الاعتداء على الأشخاص والأموال لفودة والدميري ص392.

مسائل ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى