قسم العباداتباب الصيام

أثر التخدير الطبي على صحة الصيام

مسألة رقم 118

العناوين المرادفة

أثر البنج على صحة الصيام.

صورة المسألة

يحتاج في العمليات الطبية ما يسمى بالتخدير أو البنج، وهناك نوعان من التخدير: تخدير كلي, وتخدير موضعي, ويتم تخدير الجسم بعدة وسائل:
أ) التخدير عن طريق الأنف، بحيث يشم المريض مادة غازية تؤثر على أعصابه، فيحدث التخدير.
ب) التخدير الجاف: وهو نوع من العلاج الصيني، ويتم بإدخال إبر مصمتة جافة إلى مراكز الإحساس، تحت الجلد، فتستحث نوعا معينا من الغدد على إفراز المورفين الطبيعي، الذي يحتوي عليه الجسم، وبذلك يفقد المريض القدرة على الإحساس. وهو في الغالب تخدير موضعي، ولا يدخل معه شيء إلى البدن.
ج) التخدير بالحقن: وقد يكون تخديرا موضعيا كالحقن في اللثة والعضلة ونحوهما، وقد يكون كليا وذلك بحقن الوريد بعقار سريع المفعول، بحيث ينام الإنسان في ثوان معدودة، ثم يدخل أنبوب مباشر إلى القصبة الهوائية عبر الأنف، ثم عن طريق الآلة يتم التنفس، ويتم أيضا إدخال الغازات المؤدية إلى فقدان الوعي فقدانا تاما.
فما أثر هذا التخدير بأنواعه على الصوم؟

حكم المسألة

التخدير بالطريقة الأولى, والتخدير الصيني والتخدير الموضعي بالحقن,كل هذه لا تعد مفطرة؛ لأن المادة الغازية التي تدخل في الأنف في الصورة الأولى ليست جِرْما، ولا تحمل مواد مغذية، فلا تؤثر على الصيام، وفي التخدير الصيني والتخدير الموضعي بالحقن لا تدخل أي مادة إلى الجوف.

أما التخدير الكلي بحقن الوريد فيترتب عليه فقدان الصائم الوعي، وقد اختلف أهل العلم في فقدان الصائم الوعي هل يفطر أو لا([1])، وفقدان الوعي على قسمين:

القسم الأول: أن يفقد وعيه جميع النهار، وعند جمهور الفقهاء من المالكية والشافعة والحنابلة أن من أغمي عليه في جميع النهار فصومه ليس بصحيح؛ لقوله ﷺ: (قال الله: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به)، وفي بعض طرقه في مسلم (يدع طعامه وشرابه وشهوته) [البخاري (1904) ومسلم (1151)]، فأضاف الإمساك إلى الصائم، والمغمى عليه لا يصدق عليه ذلك.

وذهب الحنفية والمزني من الشافعية إلى صحة صومه؛ لأنه نوى الصوم، أما فقدان الوعي فهو كالنوم لا يضر.

وبناء على الخلاف في هذه المسألة يتخرج مسألة حكم صوم من خدر تخديرا كليا وفقد وعيه جميع النهار، فعلى قول الجمهور لا يصح صومه وبه أفتى الشيخ محمد العثيمين رحمه الله حيث سئل عن رجل لم يشعر بشيء مدة شهرين ولم يصلِّ ولم يصم رمضان فماذا يجب عليه؟

فأجاب: (لا يجب عليه شيء لفقد شعوره، ولكن إن قدر الله أن يفيق لزمه قضاء رمضان).

وعلى قول الحنفية ومن وافقهم يصح إذا قيل بأن الحقن لا تفطر الصائم وسيأتي بحثها مفصلا.

 

القسم الثاني: ألا يستغرق فقدان الوعي جميع النهار.

فذهب مالك إلى عدم صحة صومه، وذهب الشافعي وأحمد إلى أنه إذا أفاق في أي جزء من النهار صح صومه.

وقال أبوالعباس ابن تيمية: لا يشترط وجود الإمساك في جميع النهار، بل اكتفينا بوجوده في بعضه؛ لأنه داخل في عموم قوله: (يدع طعامه وشهوته من أجلي).

وبناء على الخلاف في هذه المسألة يتخرج حكم صوم من خدر تخديرا كليا لم يفقد معه الوعي جميع النهار، فعلى قول مالك ومن وافقه لايصح صومه، وعلى قول الشافعي وأحمد ومن وافقهما يصح صومه إذا قيل بأن الحقن لا تفطر الصائم وسيأتي بحثها مفصلا.


([1]) الفتاوى الهندية (1/197)، شرح الزرقاني على مختصر خليل (1/203), المجموع للنووي (6/345), المغني (3/343).

المراجع

1. مجلة مجمع الفقه الإسلامي الدولي ع 10 (2/98, 240).
2. مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد ابن عثيمين (19/169).
3. مفطرات الصيام المعاصرة، أحمد الخليل ص(50-55).

مسائل ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى